للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلَّ ثناؤُه: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا (١) بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١]. وكان في كلِّ موضعٍ مِن القرآنِ ذكَر تبشيرَه إياه بولدٍ، فإنما هو معنىٌّ به إسحاقُ - كان بيِّنًا أن تبشيرَه إياه بقولِه: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾. فى هذا الموضعِ، نحو سائرِ أخبارِه في غيرِه مِن آياتِ القرآنِ.

وبعدُ، فإن اللَّهَ أَخْبَر جلَّ ثناؤُه في هذه الآيةِ عن خليلِه أنه بشَّره بالغلامِ الحليمِ، عن مسألتِه إياه أن يَهَبَ له ولدًا (٢) مِن الصالحين، ومعلومٌ أنه لم يَسْأَلْه ذلك إلا في حالٍ لم يَكُنْ له فيه ولدٌ مِن الصالحين؛ لأنه لم يَكُنْ له (٣) مِن ابنَيه إلا إمامُ الصالحين، وغيرُ موهومٍ منه أن يكونَ سأَل ربَّه في هبةِ ما قد كان أعْطاه ووهَبه له، فإذ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذى ذكَر تعالى ذكرُه فى هذا الموضع هو الذي ذكَر في سائرِ القرآنِ أنه بشَّره به، وذلك لا شكَّ أنه إسحاقُ، إذ (٤) كان المفدىُّ هو المبشَّرَ به.

وأما الذى اعْتَلَّ به من اعْتَلَّ فى أنه إسماعيلُ، أن اللهَ قد كان وعَد إبراهيمَ أن يكونَ له مِن إسحاقَ ابنُ ابنٍ، فلم يَكُنْ جائزًا أن يَأْمُرَه بذبحِه، مع الوعدِ الذي قد تقَدَّم، فإن اللهَ تعالى ذكرُه إنما أمَره بذبحِه بعدَ أن بلَغ معه السعيَ، وتلك حالٌ غير منكرٍ (٥) أن يكونَ قد كان وُلِد لإسحاقَ فيها أولادٌ، فكيف (٦) الواحدُ؟ وأما اعتلالُ مَن اعْتَلَّ بأن الله أتْبَع قصةَ المَفْدِىِّ مِن ولدِ إبراهيمَ بقولِه:


(١) في النسخ: "وبشرناه". والمثبت نص الآية.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١.
(٣) سقط من: ت ٢، ت ٣.
(٤) فى ص: "وإذا فإنه"، وفى ت ١: "وإذا"، وفى ت ٢، ت ٣: "وإذا كافه".
(٥) في م، ت ٢، ت ٣: "ممكن".
(٦) في ت ٢، ت ٣: "فيكون".