للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندَ معاويةَ بن أبي سفيانَ، فذكَروا الذبيحَ؛ إسماعيلُ أو (١) إسحاقُ؟ فقال: على الخبيرِ سقَطْتُم؛ كنا عندَ رسولِ اللهِ ، فجاءه رجلٌ، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، عُدْ علىَّ مما أفاء اللهُ عليك يا بنَ الذَّبِيحَيْن. فضحِك رسولُ اللهِ ، فقيل (٢) له: يا أميرَ المؤمنين، وما الذَّبيحان؟ فقال: إن عبدَ المطلبِ لما أُمِر بحفرِ زمزمَ، نذَر للَّهِ لئن سَهَّل اللهُ له أمرَها، ليَذْبَحَنَّ أحدَ ولدِه. قال: فخرَج السهمُ على عبدِ اللَّهِ، فمنعَه أخوالُه، وقالوا: افْدِ ابنَك بمائةٍ مِن الإبلِ. ففَداه بمائةٍ من الإبلِ، وإسماعيلُ الثاني (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ عمرَ، قال: ثنا ابنُ جريجٍ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾. قال: الذي فُدِى به إسماعيلُ (٤).

ويعنى تعالى ذكرُه بالذِّبح الكبشَ الذى فُدِى به إسحاقُ، والعربُ تقولُ لكلِّ ما أُعِدَّ للذَّبْحِ: ذِبْحٌ. وأما الذَّبْحُ بفتحِ الذالِ، فهو الفعلُ.

قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين فى ذلك بالصواب في المَفْدِىِّ مِن ابنى إبراهيمَ خليلِ الرحمنِ، على ظاهرِ التنزيل قولُ مَن قال: هو إسحاقُ؛ لأن اللهَ تعالى ذكرُه قال: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾. فذكَر أنه فدَى الغلامَ الحليمَ الذي بُشِّر به إبراهيمُ، حينَ سأله أن يَهَبَ له ولدًا صالحًا مِن الصالحين، فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. فإذ كان المَفْدِىُّ بالذبحِ مِن ابنيه هو المُبَشِّرَ به، وكان اللهُ تعالى ذكره قد بيَّن في كتابِه أن الذى بُشِّر به هو إسحاقُ، ومِن وراءِ إسحاقَ يعقوبُ، فقال


(١) في ص، ت ٢، ت ٣: "و".
(٢) في م: "فقلنا".
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٦٣ عن محمد بن عمار الرازى به، وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٥٤ من طريق إسماعيل به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٨١ إلى الأموى فى مغازيه والخلعى فى فوائده وابن مردويه.
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٦٩ من طريق ابن أبي نجيح به.