للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشجرُ بخطاياكم، وإنكم على باطلٍ وغرورٍ -أو كما قال لهم- فإن كنتم تُحِبُّون أن تَعْلَموا ذلك، وتَعْلَموا أن اللهَ عليكم ساخطٌ فيما أنتم عليه، وأن الذى أدْعُوكم إليه الحقُّ، فاخرُجوا بأصنامِكم هذه التي تَعْبُدون وتَزْعُمون أنها خيرٌ مما أَدْعُوكم إليه، فإن اسْتَجابَت لكم، فذلك كما تقولون، وإن هى لم تَفْعَلْ علِمْتُم أنكم على باطلٍ، فنزَعْتم، ودعَوْتُ اللهَ، ففرَّج عنكم ما أنتم فيه من البلاءِ. قالوا: أَنْصَفْتَ. فخرَجوا بأوثانِهم، وما يَتَقَرَّبون به إلى اللهِ مِن أحداثِهم التي (١) لا يَرْضَى، فدعَوْها، فلم تَسْتَجِبْ لهم، ولم تُفَرِّجْ عنهم ما كانوا فيه ما كانوا فيه من البلاءِ، حتى عرَفوا ما هم فيه مِن الضلالةِ والباطلِ، ثم قالوا لإلياسَ: يا إلياسُ، إنا قد هلَكْنا، فادْعُ اللهَ لنا. فدعا لهم إلياسُ بالفرجِ مما هم فيه، وأن يُسْقَوْا، فخَرجَت سَحابةٌ مثلُ التَّرْسِ بإِذنِ اللهِ، على ظهرِ البحرِ، وهم يَنْظُرون، ثم تَرامى إليه السَّحابُ، ثم أَدْجَنت (٢). ثم أَرْسَل اللهُ المطرَ، فأغاثهم، فحَيِيَت بلادُهم، وفرَّج عنهم ما كانوا فيه من البلاءِ، فلم يَنْزِعوا، ولم يَرْجِعوا، وأقاموا على أخْبَثِ ما كانوا عليه، فلما رأَى ذلك إلياسُ من كفرِهم، دعا ربَّه أن يَقْبِضَه إليه، فيُرِيحَه منهم، فقيل له - فيما يَزْعُمون -: انْظُرْ يومَ كذا وكذا، فاخْرُجْ فيه إلى بلدِ كذا وكذا، فماذا جاءك من شيءٍ، فارْكَبه ولا تَهَبْه. فخرَج إلياسُ، وخرَج معه اليسعُ بنُ أخطوبَ، حتى إذا كان في البلدِ الذي ذُكِر له، في المكانِ الذي أُمِر به، أقْبَل إليه فرسٌ مِن نارٍ، حتى وقَف بينَ يديه، فوثَب عليه، فانْطَلَق به، فناداه الْيَسَعُ: يا إلياسُ، يا إلياسُ، ما تَأْمُرُنى؟ فكان آخرَ عهدِهم به، فكساه اللهُ الريشَ، وأَلْبَسَه النورَ، وقطَع عنه لذةَ المَطْعَمِ والمَشْرَبِ، وطار في الملائكةِ، فكان إنْسِيًّا مَلَكيًّا، أرضيًّا سماويًّا (٣).


(١) في م: "الذي".
(٢) في م: "أدحست"، أدجنت: أضبت فأظلمت. ينظر اللسان (د ج ن).
(٣) أخرجه المصنف في التاريخ ١/ ٤٦٢ - ٤٦٤ عن ابن حميد به.