للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعربُ تُوجِّه الظنَّ -إذا أدخَلَتْه على الإخبار- كثيرًا، إلى العلم الذي هو مِن غيرِ وَجْهِ العيانِ.

وقوله: ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ﴾. يقولُ: فسأل داود ربَّه غفران ذنبه، ﴿وَخَرَّ رَاكِعًا﴾. يقولُ: وخَرَّ ساجدًا لله، ﴿وَأَنَابَ﴾. [يقولُ: و] (١) رجع إلى رِضا ربِّه، وتابَ مِن خطيئته.

واخْتُلِف فى سببِ البَلاءِ الذى ابتُلى به نبي الله داودُ ؛ فقال بعضُهم: كان سبب ذلك أنه تَذَكَّر ما أعطى اللهُ إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ مِن حُسْنِ الثناءِ الباقي لهم فى الناسِ، فتَمَنَّى مثلَه، فقِيل له: إنهم امْتُحِنوا فصَبَرُوا. فسأل أن يُبْتَلى كالذي ابتُلُوا، ويُعْطَى كالذي أعْطُوا إن هو صبَر.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾. قال: إن داودَ قال: يا ربِّ قد أعطيتَ إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ من الذِّكرِ ما لوَدِدتُ (٢) أنك أعطيتني مثله (٣). قال الله: إنى ابْتَلَيْتُهم بما لم أبْتَلِكَ به، فإن شئتَ ابتليتُك بمثلِ ما ابتليتُهم به، وأعطيتُك كما أعطيتُهم. قال: نعم. قال له: فاعْمَلْ حتى أرَى بلاءَك. فكان ما شاءَ الله أن يكونَ، وطال ذلك عليه، فكاد أن يَنْساه، فبينَا هو في مِحْرابِه، إذ وقعَت عليه حمامةٌ (٤) فأراد أن يأخُذَها، فطارتْ إلى كُوَّةِ المحراب،


(١) فى ص، ت ١: "يعني".
(٢) فى ت ١، والدر المنثور: "لو وددت".
(٣) في مخطوطة الدر المنثور: "مثلهم".
(٤) بعده فى م: "من ذهب".