للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَنِي المُثَنَّي، قال: حَدَّثَنَا الحجاجُ بنُ المِنهالِ، قال: حَدَّثَنَا همَّامُ بنُ (١) يحيى، قال: سمِعتُ قتادةَ في قولِ اللهِ: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾. قال: كانوا يُصَلُّون نحوَ بيتِ المقدسِ ورسولُ اللهِ بمكةَ قبلَ الهجرةِ، وبعدَ ما هاجَر رسولُ اللهِ صلَّى نحوَ بيتِ المقدس ستةَ عشرَ شهرًا، ثم وُجِّهَ بعدَ ذلك نحوَ الكعبةِ البيتِ الحرامِ، فنسَخها اللهُ في آيةٍ أُخرى: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ إلى: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾. قال: فنسَخت هذه الآيةُ ما كان قبلَها مِن أمْرِ القِبلة (٢).

وحَدَّثَنِي يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: سمِعتُه -يعنى [ابنَ زيدٍ] (٣) - يقولُ: قال اللهُ لنبيِّه : ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. قال: فقال رسولُ اللهِ : "هؤلاءِ قومُ يهودَ يَسْتَقْبِلون بيتًا مِن بُيوتِ اللهِ - [لبيتِ المَقْدسِ] (٤) - لو أنَّا اسْتَقْبلناه". فاسْتَقْبله النَّبِيُّ ستةَ عشرَ شهرًا، فبلَغه أن يهودَ تقولُ: واللهِ ما درَى محمدٌ وأصحابُه أين قِبلتُهم حتى هَدَيْناهم. فكَرِه ذلك النَّبِيُّ ، ورفَع وَجهَه إلى السماءِ، فقال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ الآية (٥).

وقال آخرون: بل نزَلت هذه الآيةُ على النَّبِيِّ إذْنًا مِن اللهِ ﷿ له أن يُصَلِّىَ التطَوعَ حيثُ توجَّه وجهُه مِن شرقٍ أو غربٍ، في مسيرِه في سفرِه، وفى حالِ المُسايفةِ وشدَّةِ الخوفِ والتقاءِ الزُّحوفِ - الفرائضَ، وأعلَمه أنه حيثُ وجَّه وجهَه فهو هنالك، بقولِه: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾.


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قال ثنا".
(٢) أخرجه ابن الجوزى في ناسخه ص ١٤٥ من طريق همام به نحوه.
(٣) في م: "زيدًا"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "زيد".
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) ذكره النحاس في ناسخه ص ٧٦، ٧٧ معلقًا.