للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنةِ وفدًا، على ما قد بيَّنا قبلُ في سورةِ "مريمَ" (١)، على نَجائبَ مِن نجائبِ الجنةِ، وسَوقُ الآخرين إلى النارِ دَعًّا ووِرْدًا، كما قال اللهُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، وقد ذكَرْنا ذلك في أماكنِه من هذا الكتابِ.

وقد حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوِله: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا﴾. وفي قولِه: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾. قال: كان سَوْقُ أولئك عُنْفًا وتَعَبًا ودَفْعًا. وقرَأ: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣]. قال: يُدفعون دفعًا. وقرَأ: ﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ [الماعون: ٢]. قال: يَدْفَعُه. وقرَأ: ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مريم: ٨٦]. و ﴿نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ [مريم: ٨٥]. ثم قال: فهؤلاء وفدُ اللهِ.

حدَّثنا مجاهدُ بنُ موسى، قال: ثنا يزيدُ، قال: أخبَرنا شَرِيكُ بنُ عبدِ اللهِ، عن أبى إسحاقَ، عن عاصمِ بن ضَمْرَةَ، عن عليٍّ رضِى اللهُ قولَه: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾. حتى إذا انْتَهَوا إلى بابِها، إذا هم بشجرةٍ يَخْرُجُ مِن أصلِها عينان، فعمَدوا إلى إحداهما، فشرِبوا منها، كأنما أُمِروا بها، فخرَج ما في بطونِهم مِن قَذَرٍ أو (٢) أذًى أو قَذًى، ثم عمَدوا إلى الأخرى، فتوَضَّئوا منها كأنما أُمِروا بها (٣)، فجرَت عليهم نَضْرِةُ النعيمِ، فلن تَشْعَثَ رءوسُهم بعدَها أبدًا، ولن تَبْلَى ثيابُهم بعدَها، ثم دخَلوا الجنةَ، فتلَقَّتْهم الوِلْدانُ كأنهم اللؤلؤُ


(١) ينظر ما تقدم في ١٥/ ٦٢٩ - ٦٣١.
(٢) في ت ٢: "أي".
(٣) في م: "به".