للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المكنونُ، فيقولون: أبْشِرْ [عبدَ اللهِ] (١)، أَعَدَّ اللهُ لك كذا، وأعَدَّ لك كذا وكذا. ثم يَنْظُرُ إلى تأسيسِ بنيانِه؛ جَنْدَلُ (٢) اللؤلؤِ الأحمرِ والأصفرِ والأخضرِ، يتلأْلأُ كأنه البرقُ، فلولا أن الله قضَى أَلا يَذْهَبَ بصرُه لَذَهَب، ثم يَأْتى بعضُهم إلى بعضِ أزواجِه، فيقولُ: أَبْشِرِى، قد قدِم فلانُ بنُ فلانٍ. فيُسَمِّيه باسمه واسم أبيه، فتقولُ: أنت رأيْتَه؟ أنت رأيْتَه؟ فيَسْتَخِفُّها الفرحُ حتى تقومَ، فتَجْلِسُ على أُسْكُفَّةِ بابِها، فيَدْخُلُ فيَتَّكئُ على سريرِه، ويَقْرَأُ هذه الآيةَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣]. الآية (٣).

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال: ذكَر أبو إسحاقَ، عن الحارثِ، عن عليٍّ قال: يُساقُون إلى الجنةِ، فيَنْتَهُون إليها، فيَجِدون عندَ بابِها شجرةً، في أصلِ ساقِها عينان تَجْرِيان، فيَعْمِدون إلى إحداهما، فيَغتَسِلون منها، فتَجْرِى عليهم نضرةُ النعيمِ، فلن تَشْعَثَ رءوسُهم بعدَها أبدًا، ولن تَغْبَرَّ جلودُهم بعدَها أبدًا، كأنما دُهِنوا بالدِّهانِ، ويَعْمِدون إلى الأخرى، فيَشْرَبون منها، فيُذْهَبُ ما في بطونِهم من قَذًى أو أذًى، ثم يَأتون بابَ الجنةِ فيَسْتَفْتِحون، فيُفْتَحُ لهم، فتَلَقَّاهم خزنةُ الجنةِ، فيقولون: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٣٢]. قال: وتَتَلَقَّاهم (٤) الوِلْدانُ المُخَلَّدون، يُطِيفون بهم كما يُطِيفُ وِلْدانُ أهلُ الدنيا بالحَميمِ إذا جاء مِن الغَيْبةِ،


(١) زيادة من: ت ١.
(٢) في م: "جنادل".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٧٦، وابن أبي شيبة ١٣/ ١١٢ والحسين المروزي في زوائده على زهد ابن المبارك (١٤٥٠)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٧/ ١٤٤ - والبيهقي في البعث (٢٧٢) من طريق أبي إسحاق به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٢ إلى عبد بن حميد وإسحاق بن راهويه والضياء في المختارة.
(٤) في ص، ت ١: "فتلقاهم".