للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم: هو مكفوفٌ (١) عن خبرِه. قال: والعربُ تَفْعَلُ مثلَ هذا، قال عبدُ مَنافِ بنُ رِبْعٍ في آخرِ قصيده (٢):

حتى إذا أسْلَكُوهم في قُتائِدةٍ … شَلًّا كما تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشُّرُدا

وقال الأخطلُ في آخرِ قصيده (٣):

خَلَا أن حيًّا من قريشٍ تفَضَّلوا … على الناسِ أو أنَّ الأكارمَ نَهَشَلا

وقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ: أُدْخِلَت في "حتى إذا" وفى "فلما" الواوُ، في (٤) جوابِها، وأُخْرِجَت، فأما مَن أَخْرَجها فلا شيءَ فيه، ومَن أَدْخَلَها شَبَّه الأوائلَ بالتعجبِ، فجعَل الثاني نسَقًا على الأولِ، وإن كان الثاني جوابًا، كأنه قال: أَتَعَجَّبُ لهذا وهذا.

وأولى الأقوالِ في ذلك عندى بالصوابِ قولُ مَن قال: الجوابُ متروكٌ. وإن كان القولُ الآخرُ غيرَ مدفوعٍ، وذلك أن قولَه: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾. يَدُلُّ على أن في الكلام متروكًا، إذ (٥) كان عَقِيبَه ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾. وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلامِ: حتى إذا جاءُوها، وفُتِحَت أبوابُها، وقال لهم خزنتُها: سلامٌ عليكم طِبْتُم، فادْخُلوها خالدين. دخَلوها وقالوا: الحمدُ للهِ الذي صَدَقنا وعدَه. وعَنَى بقولِه: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾: أَمَنَةٌ من اللهِ لكم، أن ينالكم بعدُ مكروهٌ أو أذًى


(١) في ت ٢، ت ٣: "معكوف".
(٢) تقدم في ١/ ٤٦٧.
(٣) البيت في مجاز القرآن ١/ ٣٣١، ٢/ ١٩٢، والخزانة ١٠/ ٤٦١، ولم نجده في ديوان الأخطل.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "وفي".
(٥) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "إذا".