للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُه للشئِ إذا أراد تكوينَه موجودًا بقولِه: ﴿كُنْ﴾. في حالِ إرادتِه جل ثناؤُه إيّاه مُكَوَّنًا (١)، لا يَتقدَّمُ وجودَ (٢) الذى أراد إيجادَه وتكوينَه، إرادتَه إيَّاه، ولا أمرَه بالكونِ والوجودِ - ولا يَتأخَّرُ عنه، فغيرُ جائزٍ أن يكونَ الشئُ مأمورًا بالوجودِ مرادًا كذلك إلا وهو موجودٌ، ولا أن يكونَ موجودًا إلا وهو مأمورٌ بالوجودِ مرادٌ كذلك. ونظيرُ قولِه: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. قولُه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ [الروم: ٢٥]. بأن خروجَ القومِ مِن قبورِهم لا يَتقدَّمُ دُعاءَ اللهِ إيَّاهم ولا يتأخَّرُ عنه.

ويُسألُ مَن زعَم أن قولَه: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ خاصٌّ في التأويلِ -اعْتِلالًا بأن أمْرَ غيرِ الموجودِ غيرُ جائزٍ- عن دَعْوةِ أهلِ القبورِ، أقبْلَ خُروجِهم مِن قبورِهم أم بعدَه (٣)، أم هى في خاصٍّ مِن الخلقِ؟ فلن يقولَ في ذلك قولًا إلا أُلْزِم في الآخَرِ مثلَه.

وأمَّا (٤) الذين زعَموا أن معنى قولِه جل ثناؤُه: ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. نظيرُ قولِ القائلِ: قال فلانٌ برأسِه أو بيدِه. إذا حرَّكه أو أوْمَأ. ونَظيرُ قولِ الشاعرِ [مُخبرًا عن ناقتِه] (٥):


(١) في ت ١، ت ٢: "تكوينا".
(٢) في م: "وجوده".
(٣) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعدها".
(٤) في م: "يسأل".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
والبيت للمثقب العبدى، وهو في ديوانه ص ١٩٥.