للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: فإلى ذلك الدين الذي شرع لكم ربُّكم (١)، ووصَّى به نوحًا، وأوْحاه إليك يا محمدُ - فادْعُ عباد الله، واسْتَقِمْ على العملِ به، ولا تَزِغْ عنه، واثْبُتْ عليه كما أمَرَك ربُّك بالاستقامةِ. وقيل: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ﴾. والمعنى: فإلى ذلك. فوُضِعَت اللامُ موضع "إلى"، كما قيل: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥]. وقد بيَّنا ذلك في غيرِ موضعٍ مِن كتابِنا هذا (٢).

وكان بعضُ أهل العربيةِ يُوَجِّهُ معنى "ذلك" في قولِه: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ﴾ إلى معنى "هذا"، ويقولُ: معنى الكلامِ: فإلى هذا القرآنِ فادْعُ واسْتَقِمْ. والذي قال مِن (٣) هذا القول قريبُ المعنى مما قلْناه، غيرَ أن الذي قلنا في ذلك أولى بتأويلِ الكلامِ؛ لأنه في سياق خبرِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه عما شرَع (٤) مِن الدين لنبيِّه محمد وأمتِه (٥)، ولم يَأْتِ مِن الكلامِ ما يَدلُّ على انصرافِه عنه إلى غيرِه.

وقولُه: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولا تَتَّبِعْ يا محمدُ أهواءَ [هؤلاء الذين] (٦) الذي شكُّوا في الحقِّ الذي شرَعه اللَّهُ لكم، مِن الذين أُورِثوا الكتابَ مِن بعدِ القرونِ الماضيةِ قبلَهم، فتَشُكَّ فيه كالذى شكُّوا فيه.

وقولُه: ﴿وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وقل لهم يا محمدُ: صدَّقْتُ بما أَنْزَل اللَّهُ من كتاب كائنًا ما كان ذلك الكتابُ، توراةً كان أو إنجيلًا أو زَبورًا أو صحفَ إبراهيمَ، لا أُكَذَّبُ بشيءٍ من ذلك تكذيبَكم ببعضِه معشرَ الأحزابِ، وتصدِيقَكم ببعضٍ.


(١) سقط من: م.
(٢) ينظر ما تقدم في ٦/ ٣١٦، ١٢/ ٣٧٥.
(٣) بعده في الأصل: "قال".
(٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لكم".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بإقامته".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الذي".