للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدلائلِ على أن الخبرَ بقولِه: ﴿وَلَا تُسْأَلُ﴾. أوْلَى مِن النهىِ، والرفعُ أوْلَى به مِن الجزمِ.

وقد ذُكِرَ أنها في قراءةِ أبىٍّ: (وما تُسْأَلُ). وفى قراءةِ ابنِ مسعودٍ: (ولن تُسْألَ). وكلتا هاتين القراءتين تَشْهَدُ للرفعِ والخبرِ فيه بالصحةِ (١)، دونَ النهىِ.

وقد كان بعضُ نحويِّى البصرةِ يوُجِّهُ قولَه: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾. إلى الحالِ، كأنه كان يَرى أن معناه: إنا أرسلْناك بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا غيرَ مسئولٍ عن أصحابِ الجحيمِ. وذلك إذا ضَمَّ التاءَ، وقرَأه على معنى الخبرِ. وكان يُجيزُ على ذلك قراءتَه: (ولا تَسْأَلُ). بفتحِ التاءِ وضَمِّ اللامِ على وجهِ الخبرِ أيضًا، بمعنى: إنا أرسلْناك بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا غيرَ سائلٍ عن أصحابِ الجحيمِ.

وقد بيَّنّا الصوابَ عندنا في ذلك.

وهذان القولان اللذان ذكَرْتُهما عن البصرىِّ في ذلك تَدْفَعُهما (٢) ما رُوِى عن ابنِ مسعودٍ وأبىٍّ من القراءةِ؛ لأن إدخالَهما ما أَدخلا في (٣) ذلك من "ما"، و"لن"، يدلُّ على انقطاعِ الكلامِ عن أولِه وابتداءِ قولِه: ﴿وَلَا تُسْأَلُ﴾. وإذا كان ابتداءً لم يكنْ حالًا.

وأما أصحابُ الجحيمِ، [فإنهم أهلُ الجحيمِ، والجحيمُ] (٤) هى النارُ بعينِها إذا شبَّ وقودُها، ومنه قولُ أميةَ بنِ أبى الصَّلْتِ (٥):


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣، وقراءة أُبى وابن مسعود شاذة. ينظر البحر المحيط ١/ ٣٦٧.
(٢) في م: "يرفعهما".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "من".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فالجحيم".
(٥) ديوانه ص ٥١.