للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونارٌ تَخْرُجُ مِن قَعْرِ عَدَنِ أَبْيَنَ، تَسُوقُ الناسَ إلى الْمَحشَرِ، تَقِيلُ معهم إذا قالوا، والدُّخانُ". قال حذيفةُ: يا رسولَ اللَّهِ، وما الدُّخانُ؟ فتلا رسولُ اللَّهِ الآيةَ: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ - يملأُ ما بينَ المشرقِ والمغربِ، يَمكُثُ أربعينَ يومًا وليلةً؛ أما المؤمنُ فيصيبُه منه كهيئةِ الزُّكام، وأما الكافرُ كمنزلةِ السَّكرانِ يخرُجُ مِن مَنْخَرَيْهِ وأُذُنَيْه ودُبُرِه" (١).

حدَّثني محمدُ بن عوفٍ، قال: ثنا محمدُ بن إسماعيلَ بن عياشٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى ضَمْضَمُ بنُ زُرْعَةَ، عن شريح بن عُبيد، عن أبي مالكٍ الأشعريِّ، قال: قال رسولُ الله : "إنّ ربَّكم أنْذَركم ثلاثًا؛ الدُّخانُ يأخذُ المؤمنَ كالزَّكْمَةِ، ويأخذُ الكافرَ فيَنْتَفِخُ حتى يخرُجَ مِن كُلَّ مِسْمَعٍ منه، والثانيةُ الدَّابَّةُ، والثالثةُ الدَّجَّالُ" (٢).

وأولى القولين بالصواب في ذلك ما رُوى عن ابن مسعودٍ، من أنّ الدُّخانَ الذي أمر اللَّهُ نبيِّه أن يرتقبَه، هو ما أصاب قومَه من الجَهْدِ بدعائِه عليهم، على ما وصفه ابن مسعودٍ مِن ذلك، إن لم يكنْ خبرُ حذيفةَ الذي ذكَرْناه عنه عن رسولِ اللَّهِ صحيحًا، وإن كان صحيحًا، فرسولُ اللَّهِ أعلم بما أنزَل الله عليه، وليس لأحدٍ مع قولِه الذي يَصِحُّ عنه قولٌ.

وإنما لم أشهدْ له بالصِّحةِ؛ لأن محمدَ بنَ خلفٍ العسقلانيَّ حدَّثني أنه سأل روّادًا عن هذا الحديثِ، هل سمِعه من سفيانَ؟ فقال له: لا. فقلتُ له: فقرأْتَه


(١) أخرجه البغوي في تفسيره ٧/ ٢٣٠ من طريق المصنف به، وتقدم أوله ١٦/ ٣٩٧، ٣٩٨.
(٢) أخرجه الطبراني (٣٤٤٠)، وفي مسند الشاميين ٢/ ٤٤٢ من طريق محمد بن إسماعيل به.