للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا حسينٌ، عن شيبانَ، عن ليثٍ في قوله: (سَوَاءٌ مَحْيَاهُمْ ومَماتُهُمْ). قال: بُعث المؤمنُ مؤمنًا حيًّا وميتًا، والكافرُ كافرًا حيًّا وميتًا.

وقد يَحْتَمِلُ الكلامُ إذا قُرئ: (سواءٌ) رفعا وجهًا آخر غير هذا المعنى الذي ذكَرْناه عن مجاهدٍ وليثٍ، وهو أن يُوجَّهَ إلى: أم حسِب الذين اجترَحوا السيئات أن نجعَلَهم والمؤمنين سواءً في الحياةِ والموتِ، بمعنى: أنهم لا يَسْتوون. ثم يُرْفَعُ (سواءٌ) على هذا المعنى، إذ كان لا يَنْصَرِفُ، كما يُقالُ: مررَتُ برجلٍ خيرٌ منك أبوه، و: حسبُك أخوه. فرفَع "حسبُك"، و "خيرٌ" إذ كان في مذهبِ الأسماء، ولو وقَع موقعَهما فعلٌ في لفظِ اسمٍ لم يَكُنْ إلا نصبًا، فكذلك قولُه: (سواءٌ).

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿سَوَاءً﴾ به نصبًا (١)، بمعنى: أَحَسبوا أن نجعَلَهم والذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ سواءً.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان معروفتان في قرَأةِ الأمصار، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما أهلُ العلم بالقرآن، صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ نصبِ قوله: ﴿سَوَاءً﴾ ورفعه؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرة: (سَوَاءٌ مَحْيَاهُمْ ومَماتُهُمْ) [رفعٌ. وقال بعضُهم: إن المحيا والمماتَ للكفارِ كلَّه. قال: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. ثم قال: سواءٌ محيا الكفار ومماتُهم. أي: محياهم محيا سَوْءٍ (٢)، ومماتُهم] (٣) مماتُ سَوْءٍ (٢). فرُفِع "السواءُ" على الابتداء. قال: ومن فسَّر


(١) هي قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٥.
(٢) في م، ت ١: "سواء".
(٣) سقط من: ت ٣.