للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحيا والمماتَ للكفارِ والمؤمنين، فقد يَجوزُ في هذا المعنى نصبُ "السواء" ورفعُه؛ لأن من جعل "السواءَ" مستويًا، فيَنْبَغى له في القياس أن يُجْرِيَه على ما قبلَه؛ لأنه صفةٌ. ومن جعَله الاستواء، فيَنْبَغِى له أن يَرْفَعَه لأنه اسمٌ، إلا أن يَنْصِبَ المحيا والمماتَ على البدلِ، ويَنْصِبَ "السواءَ" على الاستواء، وإن شاء رفَع "السواء" إذا كان في معنى "مستوٍ"، كما تقولُ: مرَرتُ برجلٍ خيرٌ منك أبوه. لأنه صفةٌ لا يُصْرَفُ، والرفعُ أجودُ.

وقال بعضُ نحويِّى الكوفِة (١): قولُه: ﴿سَوَاءً مَحْيَاهُمْ﴾ بنصب "سواء" وبرفعِه، والمحيا والمماتُ في موضع رفع بمنزلة قوله: رأيتُ القومَ سواءً صغارُهم وكبارُهم. بنصب "سواء"؛ لأنه يَجْعَلُه فعلًا لما عاد على الناس من ذكرهم. قال: وربما جعَلت العربُ "سواء" في مذهبِ اسمٍ بمنزلة "حسبك"، فيقولون: رأيتُ قومَك سواءً صغارُهم وكبارُهم. فيكونُ كقولِك: مررتُ برجلٍ حسبُك أبوه. قال: ولو جعَلت مكانَ "سواء" "مستوٍ" لم يُرْفَعْ، ولكن تَجْعَلُه مُتَّبِعًا لما قبله، مخالفًا لـ "سواءٍ"؛ لأن "مستوٍ" (٢) من صفةِ القومِ، ولأن "سواءً" كالمصدر، والمصدرُ اسمٌ. قال: ولو نصَبت المحيا والمماتَ كان وجهًا. يُريدُ: أَن نَجْعَلَهم سواءً في محياهم ومماتِهم.

وقال آخرُ (٣) منهم: المعنى: أنه لا يُساوِى من اجترَح السيئاتِ المؤمنَ في المحيا (٤) ولا المماتِ. إلا (٥) أنه وقَع موقعَ الخبر، فكان خبرًا لـ "جَعَلْنا". قال:


(١) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٤٧.
(٢) في ص، م، ت ١: "مستوى".
(٣) في م: "آخرون".
(٤) في م، ت ٣: "الحياة".
(٥) في م، ت ٢: "علي".