للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ ذلك عامة قرأة الكوفة: ﴿إِحْسَانًا﴾ بالألفِ (١)، بمعنى: ووصَّيناه بالإحسانِ إليهما، وبأيِّ ذلك قرَأ القارئُ فمصيبٌ؛ لتَقاربِ معاني ذلك، واستفاضةِ القراءةِ بكلِّ واحدة منهما في القرأةِ.

وقوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمَّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، يقول تعالى ذكره: ووَصَّينا الإنسانَ بوالدَيه إحْسانًا بِرًّا بهما؛ لما كان منهما إليه حَمْلا ووليدًا وناشِئًا، ثم وصَف جل ثناؤُه ما لديه من نعمةِ أمِّه، وما لاقَت منه في حال حمله ووضعِه، ونَبَّهه على الواجب لها عليه من البرِّ، واستحقاقها عليه من الكرامةِ، وجميلِ الصُّحبةِ، فقال: ﴿حَمَلَتَهُ أُمُّهُ﴾، يعنى في بطنها، ﴿كُرْهًا﴾، يعنى: مشقةً، ﴿وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، يقولُ: وولَدته كُرْهًا، يعنى: مشقةً.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهَا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، يقولُ: حمَلَته مشقةً، ووضَعَته مشقةً.

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ والحسنِ في قولِه: ﴿حَمَلَتْهُ أَمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، قالا: حمَلَته في مشقةٍ، ووضَعَته في مشقةٍ (٢).

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا﴾، قال: مشقةً عليها (٣).

واختلفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿كُرْهًا﴾؛ فقرأته عامةُ قرأة المدينة


(١) وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائي، السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٦.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢١٦ عن معمر به.
(٣) تفسير مجاهد ص ٦٠٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.