للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبصرةِ: (كَرْهًا) بفتحِ الكافِ، وقرَأته عامة قرأةِ الكوفةِ: ﴿كُرْهًا﴾ بضَمِّها (١)، وقد بيَّنتُ اختلاف المُختلفين في ذلك قبل إذا فُتح وإذا ضُمَّ، في سورةِ "البقرةِ"، بما أغنَى عن إعادته في هذا الموضعِ (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان معروفتان، متقاربتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمُصيبٌ.

وقولُه: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾، يقول تعالى ذكره: وحَمْلُ أمِّه إيَّاه جَنينًا في بطنِها، وفصالُها إيَّاه من الرَّضاعِ وفَطْمُها إِيَّاه شرب اللبن، ثلاثون شهرًا.

واختلَفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿وَفِصَالُهُ﴾؛ فقرَأ ذلك عامة قرأةِ الأمصارِ غيرَ الحسن البصريِّ: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ﴾، بمعنى: فاصَلَتْه أمُّه فصالًا ومُفاصلةً.

وذُكر عن الحسن البصريِّ أنه كان يقرؤُه: (وحَمْلُهُ وفَصْلُهُ) بفتح الفاء بغيرِ ألف (٣)، بمعنى: وفَصْلُ أمِّه إيَّاه.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندنا ما عليه قرأةُ الأمصارِ؛ لإجماع الحجةِ مِن القرأةِ عليه، وشُذُوذِ ما خالَفه.

وقولُه: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾، اختلَف أهل التأويلِ في مبلغ حدِّ ذلك مِن السنينَ؛ فقال بعضُهم: هو ثلاثٌ وثلاثون سنةً.


(١) قرأ بفتح الكاف كل من ابن كثير ونافع وأبي عمرو، وقرأ بضمها كل من عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي، ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٦.
(٢) تقدم في ٣/ ٦٤٦.
(٣) هي قراءة يعقوب، وهو من العشرة، ينظر النشر ٢/ ٢٧٩، وإتحاف فضلاء البشر ص ٢٤٢، وينظر البحر المحيط ٨/ ٦١.