للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولهؤلاء المتقين في هذه الجنةِ من هذه الأنهارِ التي ذكَرنا، من جميعِ الثمراتِ التي تكونُ على الأشجارِ، ﴿وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾. يقولُ: وعفوٌ مِن اللهِ لهم عن ذنوبِهم التي أذنَبوها في الدنيا ثم تابوا منها، وصَفْحٌ منه لهم عن العقوبةِ عليها.

وقولُه: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أمَن هو في هذه الجنةِ التي صفتُها ما وصَفْنا، كمَن هو خالدٌ في النارِ؟ وابتُدئ الكلامُ بصفةِ الجنةِ، فقيل: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾. ولم يُقَل: أمَن هو في الجنةِ. ثم قيل بعدَ انقضاءِ الخبر عن الجنةِ وصفتِها: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾. إنما قيل ذلك كذلك استغناءً بمعرفةِ السامعِ معنى الكلامِ، ولدلالةِ قولِه: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾. على معنى قولِه: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ.

وقوله: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وسُقِىَ هؤلاء الذين هم خلود في النارِ ماءً قد انتَهَى حرُّه، فقطَّع ذلك الماءُ من شدَّةِ حرِّه أمعاءَهم.

كما حدَّثني محمدُ بنُ خلفٍ العَسْقلانيُّ، قال: ثنا حَيْوَةُ بنُ شُريحٍ الحِمصِيُّ، قال: ثنا بقيَّةُ، عن صفوانَ بن عمرٍو، قال: ثنى عبيدُ اللَّهِ بنُ بُسرٍ (١)، عن أبي أُمامةَ الباهليِّ، عن رسولِ اللهِ في قولِه: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ﴾ [إبراهيم: ١٦، ١٧]. قال: "يُقَرَّبُ إليه فيَتَكَرَّهُه (٢)، فإِذا أُدْنىَ مِنه شَوَى وجْهَه، ووقَعت فروةُ رأسِه، فإذا شَرِب قطَّع أمعاءَه حتى يَخرُجَ من دُبُرِه. يقولُ اللَّهُ ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾. يقولُ اللهُ ﷿: ﴿يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بشر". وقد تقدم على الصواب في ١٣/ ٦٢٠.
(٢) في ت ١: "فيكرهه".