للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيهم سُهَيْلُ بنُ عمرٍو، قال: "قد سهَّل اللهُ لكم مِن أمرِكم، القومُ ماتُّون إليكم بأرحامِهم وسائلوكم الصلحَ، فابعثوا الهَدْىَ، وأظْهرِوا التلبيةَ، لعل ذلك يُليِنُ قلوبَهم". فلبَّوا مِن نَواحى العسكرِ حتى ارْتَجَّت أصواتُهم بالتلبيةِ. قال: فجاءوا فسأَلوه الصلحَ. قال: فبينما الناسُ قد تَوادَعوا، وفي المسلمين ناسٌ مِن المشركين، [وفى المشركين ناسٌ مِن المسلمين] (١). قال: ففتَك (٢) به أبو سفيانَ. قال: فإذا الوادى يَسِيلُ بالرجالِ. قال: قال إياسٌ: قال سلمةُ: فجئتُ بستةٍ مِن المشركين مُتَسَلِّحين أَسُوقُهم، ما يَمْلِكون لأنفسِهم نفعًا ولا ضرًّا، فأتَيْتُ بهم النبيَّ ، فلم يَسْلُبْ ولم يَقْتُلْ، وعَفا. قال: فشدَدْنا على مَن في أيدى المشركين منا، فما ترَكْنا في أيديهم منا رجلًا إلا اسْتَنْقَذْناه. قال: وعَلَبْنا على مَن في أيدينا منهم، ثم إن قريشًا بعَثُوا سُهَيْلَ بن عمرٍو، وحُوَيْطِبًا، فوَلُوا صلحَهم، وبعَث النبيُّ عليًّا في صلحه، فكتب عليٌّ بينَهم: بسم اللهُ الرحمن الرحيمِ، هذا ما صالَح عليه محمد رسولَ اللهِ قريشًا، صالَحهم على أنه [لا إغلالَ ولا إسلالَ] (٣)، وعلى أنه مِن قدم مكة مِن أصحابِ محمد حاجًّا أو معتمرًا أو يَبْتَغِى مِن فضلِ اللَّهِ، فهو آمِنٌ على دمِه ومالِه، ومَن قدِم المدينةَ مِن قريش مُجْتازًا إلى مصرَ أو إلى الشامِ يَبْتَغِي مِن فضلِ اللهِ، فهو آمنٌ على دمِه ومالِه، وعلى أنه مِن جاء محمدًا مِن قريشٍ فهو إليهم رَدُّ، ومَن جَاءَهم مِن أصحابِ محمدٍ فهو لهم، فاشْتَدَّ ذلك على المسلمين، فقال رسولُ اللهِ : "مَن جَاءَهم منا فأَبْعَدَه اللَّهُ،


(١) سقط من النسخ، والمثبت من تاريخ المصنف
(٢) في م، ت ٢: "فقيل".
(٣) في ص، م، ت: "لا إهلال ولا امتلال"، وفى ت ٣: "لا إهلاك ولا امتلال". والإغلال: الخيانة أو السرقة الخفية. والإسلال: السرقة الخفية. قيل: الإغلال والإسلال: الغارة الظاهرة. وقيل: الإغلال: لبس الدروع، والإسلال: سل السيوف. ينظر النهاية ٢/ ٣٩٢، ٣/ ٣٨٠ واللسان (س ل ل، غ ل ل).