للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدُ أولُ مِن أُقاضِيك عليه أن تَردَّه إلينا. فقال النبيُّ : "فَأَجِزه (١) لى". فقال: ما أنا بمُجِيزِه لك. قال: بلى فافعَل". قال: ما أنا بفاعلٍ. قال صاحبُه مِكْرزٌ - وسهيلٌ إلى جنبِه -: قد: قد أَجَزناه لك. فقال أبو جندلٍ: أي معاشرَ المسلمين، أأُرَدُّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلمًا؟! ألا تَرَون ما قد لقيتُ؟ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللَّهِ.

قال عمرُ بنُ الخطابِ: واللهِ ما شكَكْتُ منذ أسلَمتُ إلا يومَئذٍ، فأَتَيْتُ النبيَّ فقلتُ: ألسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ؟ قال: "بلى". قلتُ: فلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دينِنا إذن؟ قال: "إنى رسولُ اللَّهِ، ولسْتُ أَعْصِيه، وهو ناصِرِى". قلتُ: أَلسْتَ تُحدِّثنا أنا سنَأْتى البيتَ فتَطوفُ به؟ قال: "بلي". قال: فأَخْبَرْتُك أنك تَأْتيه العام؟ "قلتُ: لا. قال: "فإنك آتِيه ومُتَطَوِّفٌ به". قال: ثم أتَيْتُ أبا بكرٍ فقلت: أليس هذا نبيَّ اللهُ حقًّا؟ قال: بلى. قلتُ: ألسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطل؟ قال: بلى. قلتُ: فلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دينِنا إذن؟ قال: أيُّها الرجلُ، إنه رسولُ اللَّهِ، وليس يَعْصِى ربَّه، فاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِه حتى تموتَ، فواللهِ إنه لعلى الحقِّ قلتُ: أو ليس كان يُحَدِّثُنا أنا ستَأْتى البيتَ ونَطوفُ به؟ قال: بلى، أفَأَخْبَرك أنك تَأْتيه العام؟ قال: لا. قال: فإنك آتِيه ومُطوِّفٌ (٢) به - قال الزهريُّ: قال عمر: فعمِلْتُ لذلك أعمالًا - فلمَّا فرغ مِن قضيتِه (٣) قال النبيُّ لأصحابه: "قُوموا فانْحَروا ثم احْلِقوا". قال: فواللهِ ما قام منا رجلٌ حتى قال ذلك


(١) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "فأجره" بالراء، وكذلك فيما يأتى "بمجيره"، "أجرناه". قال الحافظ ابن حجر: من الإجازة، أي أمض لي فعلى فيه فلا أرده إليك، أو استثنيه من القضية. ووقع في الجمع للحميدي: "فأجره"، بالراء، ورجح ابن الجوزى الزاي. فتح البارى ٥/ ٣٤٥.
(٢) في م: "متطوف".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢: "قصته".