للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانَ اللَّهِ، ما يَنْبَغِي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عن البيت. [فلما رجَع إلى أصحابِه قال: رأيتُ البُدْنَ قد قُلِّدَت وأُشعرت، فما أَرَى أن يُصَدُّوا عن البيت] (١). فقام رجلٌ منهم يقالُ له: مِكْرَزُ بنُ حفصٍ. فقال: دعوُني آته. فقالوا: ائتِه. فلما أَشْرَف على النبيِّ وأصحابِه قال النبيُّ : "هذا مِكْرَزُ بنُ حفصٍ، وهو رجلٌ فاجرٌ". فجاء فجَعل يُكَلِّمُ النبيَّ ، فبينا هو يُكَلِّمُه إذ جاء سُهَيْلُ بن عمرٍو - قال أيوبُ: قال عكرمةُ: إنه لما جاء سُهَيلٌ قال النبيُّ : "قد سَهُل لكم مِن أمرِكم" - قال الزهريُّ: فجاء سهيلُ بنُ عمرٍو فقال: هاتِ نَكْتُبْ بيننا وبينك كتابًا. فدعا الكاتبَ. فقال النبيُّ : اكْتُبْ: "بسم اللهُ الرحمن الرحيم". فقال: ما الرحمنُ؟ فواللهِ ما أدْرِى ما هو، ولكن اكتُبِ: باسمِك اللهمَّ، كما كنتَ تَكْتُبُ. فقال المسلمون: واللَّهِ لا نَكْتُبُها إلا بسمِ اللهُ الرحمنِ الرحيمِ. فقال النبيُّ "اكتُبْ: باسمِك اللهمَّ". ثم قال: "اكتُبْ: هذا ما قاضَى عليه محمدٌ رسولُ اللَّهِ". فقال سهيلٌ: واللهِ لو كنا نَعلَمُ أنك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيت ولا قاتَلْناك، ولكن اكتُبْ: محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ. فقال النبيُّ : "واللهِ إنى لرَسولُ اللَّهِ وإِن كَذَّبْتُموني، ولكن اكتُبْ: محمدُ بنُ عبد اللهِ". قال الزهريُّ: وذلك لقوله: "واللهِ لا يَسْأَلُونى خُطَّةً يُعَظِّمون بها حُرُماتِ اللَّهِ إلا أعْطَيْتُهم إياها". فقال النبيُّ : "على أن تُخَلُوا بيننا "وبينَ البيتِ، فنطوفَ به". قال سهيلٌ: واللهِ لا تَتَحَدَّثُ العربُ أنا أُخِذْنَا ضُغطةً، ولكن لك مِن العام المُقْبِلِ. فكتَب، فقال سهيلٌ: وعلى أنه لا يَأْتيك منا رجلٌ، وإن كان على دينِك، إلا ردَدْتَه إلينا. فقال المسلمون: سبحانَ اللهِ! وكيف يُرَدُّ إلى المشركين وقد جاءَ مسلما؟! فبينا هم كذلك، إذ جاء أبو جندلِ بنُ سهيلٌ بن عمرٍو يرسُفُ في قُيوده، قد خرَج مِن أسفلِ مكةَ، حتى رمَى بنفسِه بينَ أَظْهُرِ المسلمين، فقال سهيلٌ: هذا يا


(١) سقط مِن النسخ، والمثبت من مصادر التخريج