للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدثنى حَجّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قُلتُ لعطاءٍ: ما عَهْدُه؟ قال: أَمْرُه (١).

وحدَّثنى يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾. قال: أَمَرْناه (٢).

فمعنى الآيةِ: وأَمَرْنا إبراهيمَ وإسماعيلَ بتطهيرِ بيتى للطائِفين. و"التَّطهيرُ" الذى أمَرَهما اللهُ به في البيتِ هو تطهيرُه مِن الأصنامِ، وعبادةِ الأوثانِ فيه، ومِن الشركِ باللهِ.

فإن قال قائلٌ: وما معنى قولِه: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾؟ وهل كان أيامَ إبراهيمَ -قبلَ بنائِه البيتَ- بيتٌ يُطَهَّرُ مِن الشركِ وعبادةِ الأوثانِ في الحَرَمِ، فيجوزَ أن يكونا أُمِرا بتَطْهيرِه؟

قِيل: لذلك وجهانِ مِن التأويلِ، قد [قال بكلِّ] (٣) واحدٍ مِن الوَجْهين مِن أهلِ التأويلِ جماعةٌ؛ أحدُهما: أن يكونَ معناه: وعَهِدْنا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ أن ابْنِيَا بَيْتىَ مُطَهَّرًا مِن الشركِ والرَّيْبِ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ﴾ [التوبة: ١٠٩]. فكذلك قولُه: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾. أى: ابْنِيا بَيْتىَ على طُهْرٍ مِن الشِّركِ بى والرَّيْبِ.

كما حدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ،


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٤٧، عن ابن جريج به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٢١ إلى المصنف.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٤٨.
(٣) في م، ت ١، ت ٣: "كان لكل".