للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولَه: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾. قال: الأوسُ والخزرجُ اقْتَتلوا بالعِصِيِّ بينَهم (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾. الآية، ذُكِر لنا أنها أنزِلت في رجلين من الأنصارِ كانت بينَهما مُدَارأَةٌ (٢) في حقٍّ بينَهما، فقال أحدُهما للآخرِ: لآخذَنَّ (٣) عَنْوَةً، لكثرةِ عشيرتِه، وأن الآخرَ دعاه ليُحاكِمَه إلى نبيِّ اللَّهِ فأبى أن يتَّبِعَه، فلم يَزَلِ الأمرُ حتى تَدافَعوا، وحتى تناولَ بعضُهم بعضًا بالأيدي والنِّعالِ، ولم يكُنْ قتالٌ بالسيوفِ، فأمرَ اللَّهُ أن تُقاتَلَ حتى تَفِيءَ إلى (٤) كتابِ (٥) اللَّهِ وإلى حكمِ نبيِّه ، وليست كما تأوَّلها أهلُ الشُّبهات، وأهلُ البدعِ، وأهلُ الفِرَى (٦) على اللَّهِ وعلى كتابِه، أنه المؤمنُ يحِلُّ لك قتلُه، فواللَّهِ لقد عظَّم اللَّهُ حُرْمَةَ المؤمنِ حتى نهاك أن تظُنَّ بأخيك إلَّا خيرًا، فقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ الآية (٧).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسنِ، أن قومًا من المسلمين كان بينَهم تنازعٌ، حتى اضْطَرَبوا بالنِّعالِ والأيدي، فأنزَل اللَّهُ فيهم: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾. قال قتادةُ: كان رجلان


(١) تفسير مجاهد ص ٦١١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى عبد بن حميد.
(٢) المدارأة: المخالفة والمدافعة. اللسان (د ر أ).
(٣) في م: "لآخذنَّه".
(٤) بعده في م: "أمر الله".
(٥) في ت ١: "أمر".
(٦) في م: "الفراء"، والفرى: جمع فرية وهي الكذبة. اللسان (ف ر ى).
(٧) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ٣٤٠، والجصاص في أحكام القرآن ٥/ ٢٧٩، والقرطبي في تفسيره ١٦/ ٣١٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٩٠ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.