للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (١) الأعمالِ القبيحةِ بعدَ التوبةِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ الآية. قال: التنابزُ بالألقابِ: أن يكونَ الرجلُ عمِل السيئاتِ ثم تاب منها، وراجَعَ الحقَّ، فنَهى اللَّهُ أن يُعَيَّرَ بما سلَف من عمَلِه (٢).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال الحسنُ: كان اليهوديُّ والنصرانيُّ يُسلِمُ، فيلقَّبُ؛ فيُقالُ له: يا يهوديُّ، يا نصرانيُّ. فنُهُوا عن ذلك (٣).

والذي هو أولى الأقوالِ في تأويلِ ذلك عندي بالصوابِ أن يُقالَ: إن اللَّهَ تعالى ذكرُه نَهَى المؤمنين أن يتَنابزوا بالألقابِ. والتنابزُ بالألقابِ: هو دعاءُ المرءِ صاحبَه بما يَكْرهُه من اسمٍ أو صفةٍ، وعمَّ اللَّهُ بنهيِه ذلك، ولم يَخْصُصْ به بعضَ الألقابِ دونَ بعضٍ، فغيرُ جائزٍ لأحدٍ من المسلمين أن يَنْبِزَ أخاه باسمٍ يَكْرهُه، أو صِفةٍ يَكْرهُها، وإذا كان ذلك كذلك، صحَّت الأقوالُ التي قالها أهلُ التأويلِ في ذلك، التي ذكَرْناها كلَّها، ولم يكنْ بعضُ ذلك أولى بالصوابِ من بعضٍ؛ لأن كلَّ ذلك مما قد (٤) نهَى اللَّهُ المسلمين أن ينبِزَ بعضُهم بعضًا به (٤).


(١) في الأصل: "في"، وسقط من: ت ٣.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ٣٤٤، والقرطبي في تفسيره ١٦/ ٣٢٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٩١ إلى المصنف.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٣٢ عن معمر به، وذكره الجصاص في أحكام القرآن ٥/ ٢٨٦، والبغوي في تفسيره ٧/ ٣٤٣، والقرطبي في تفسيره ١٦/ ٣٢٨.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.