للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿قَعِيدٌ﴾. قال: رَصَدٌ (١).

واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ توحيدِ ﴿قَعِيدٌ﴾. وقد ذُكر مِن قبلُ المتلقِّيانِ؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾. ولم يَقُلْ: عن اليمينِ قعيدٌ، وعن الشمالِ قعيدٌ. أي أحدُهما، ثم استَغْنى، كما قال: ﴿يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ [غافر: ٦٧]، و (٢) استغنى بالواحدِ عن الجميعِ، كما قال: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤].

وقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ (٣): ﴿قَعِيدٌ﴾. يريدُ: قعودٌ عن اليمينِ وعن الشِّمالِ. فجعَل ﴿قَعِيدٌ﴾ (٤) جمعًا، كما يُجْعَلُ الرسولُ للقومِ وللاثنينِ؛ قال اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦]. لموسى وأخيه. وقال الشاعرُ (٥):

أَلِكْنِي إليها وخَيرُ الرسو … لِ أَعلَمُهُمْ بِنواحِي الخبَرْ (٦)

فجعَل "الرسولَ" للجمعِ، فهذا وجهٌ، وإن شئْتَ جَعَلتَ "القعيدَ" واحدًا، اكتفاءً به مِن صاحبِه، كما قال الشاعرُ (٧):


(١) تفسير مجاهد ص ٦١٤. ومن طريقه الفريابي، كما في تغليق التعليق ٤/ ٣١٧.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ثم".
(٣) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٧٧.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فعيل".
(٥) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. شرح ديوان الهذليين ١/ ١١٣.
(٦) ألكني: أبلغ عني أَلُوكي، والألوك: الرسالة. ونواحى الخبر: أي حروف الكلام وجوانبه وما أشكل منه. شرح ديوان الهذليين ١/ ١١٣.
(٧) تقدم في ١١/ ٤٣٥.