للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في "القواعدِ" التى رفَعها إبراهيمُ وإسماعيلُ مِن البيتِ، أهما أحدَثا ذلك، أم هى قواعدُ كانت له قبلَهما؟ فقال قومٌ: هى قواعدُ بيتٍ كان بناه آدمُ أبو البشرِ بأمرِ اللهِ إياه بذلك، ثم درَس مكانُه وتَعَفَّى أثرُه بعدَه حتى بَوَّأَه اللهُ إبراهيمَ فبناه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا ابنُ جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: قال آدمُ: أىْ (١) ربِّ، إنى لا أسمعُ أصواتَ الملائكةِ. قال: خطيئتُك (٢)، ولكنِ اهبِطْ إلى الأرضِ فابنِ لي بيتًا، ثم احْفُفْ به كما رأَيتَ الملائكةَ تَحُفُّ ببيتىَ الذى في السماءِ. فيَزْعُمُ (٣) الناسُ أنه بناه مِن خمسةِ أجبُلٍ؛ من حِراءٍ، وطورِ زَيْتَا (٤)، وطورِ سَيْناءَ، و (٥) لُبنانٍ، والجُوديِّ، وكان رُبْضُه (٦) من حِراءٍ، فكان هذا بناءَ آدمَ حتى بناه إبراهيمُ بعدُ (٧).

وحدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن أيوبَ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ


(١) في م: "يا".
(٢) في م: "بخطيئتك".
(٣) في الأصل: "فزعم".
(٤) طور زيتا: علم مرتجل لجبل بقرب رأس عين عند قنطرة الخابور على رأسه شجر زيتون يسقيه المطر ولذلك سمى طور زيتا، وجبل زيتا: مطل على مسجد بيت المقدس شرقى وادى سلوان. معجم البلدان ٣/ ٥٥٨.
(٥) بعده في م: "جبل".
(٦) الرُّبْضُ: أساس البناء. وقيل: وسط الشئ. التاج (ر ب ض).
(٧) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٩٠٩٢)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٢٧، ١٣١ إلى ابن المنذر والبيهقى. وينظر أخبار مكة للأزرقى ١/ ٧، ونقله ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٥٩ عن عبد الرزاق، وقال: وهذا صحيح إلى عطاء، ولكن في بعضه نكارة، والله أعلم.