للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ستين ذِراعًا، فحزِن آدمُ إذ فقَد أصواتَ الملائكةِ وتسبيحَهم، فشكا ذلك إلى اللهِ تعالى، فقال اللهُ: يا آدمُ، إنى قد أهبَطتُ لك بيتًا تَطُوفُ به كما يُطافُ حولَ عرشى، وتصَلِّى عندَه كما يُصَلَّى عندَ عَرْشى. فانطَلَق إليه آدمُ، فخرَج ومُدّ له في خطوِه، فكان [بينَ كلِّ خُطوتين] (١) مفازةٌ، فلم تَزَلْ تلك المفاوزُ بعدَ ذلك، فأتى آدمُ البيتَ فطاف به ومَن بعدَه مِن الأنبياءِ (٢).

وحدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن أَبانٍ أنَّ البيتَ أُهبِط ياقوتةً واحدةً، أو دُرّةً واحدَةً، حتى إذا أغرَق اللهُ قومَ نوحٍ رفَعه وبقِىَ أساسُه، فبوَّأه اللهُ لإبراهيمَ، فبناه بعدَ ذلك (٣).

وقال آخرون: بل كان موضعُ البيتِ ربوةً حمراءَ كهيئةِ القبةِ، وذلك أن اللهَ لما أراد خلْقَ الأرضِ علا الماءَ زَبَدةٌ حمراءُ أو بيضاءُ، وذلك في موضعِ البيتِ الحرامِ، ثم دَحَا اللهُ الأرضَ مِن تحتِها، فلم يَزَلْ ذلك كذلك حتى بوَّأه اللهُ إبراهيمَ، فبناه على أساسِه. وقالوا: أساسُه على أركانٍ أربعةٍ في الأرضِ السابعةِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال جريرُ بنُ حازمٍ: حدَّثنى حميدُ بنُ قيسٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان موضعُ البيتِ على الماءِ قبلَ


(١) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كل خطوة بين"، وفى التاريخ والمصنف: "بين كل خطوة". والمثبت موافق لما سيأتى في تفسير الآية (٢٦) من سورة الحج، وكذلك هو في الدر المنثور.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٢٣. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (٩٠٩٦)، وهو في تفسيره ٢/ ٣٤، وأخرجه الأزرقى في أخبار مكة ١/ ١٢ من طريق معمر به نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٥٣ إلى ابن المنذر وابن أبى حاتم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٩٠٩٦)، وأخرجه الأزرقى في أخبار مكة ١/ ١٠ من طريق معمر به.