للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكان التأنيثُ به أولى، وإن كان للتذكيرِ وجهٌ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾. يقولُ: الشديدُ (١).

وقولُه: ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فإن للذين أشْرَكوا باللَّهِ مِن قريشٍ وغيرِهم ﴿ذَنُوبًا﴾. وهي الدَّلْوُ العظيمةُ، وهو السَّجْلُ أيضًا إذا مُلِئَت أو قارَبَت المِلْءَ، وإنما أُرِيد بالذَّنوبِ في هذا الموضعِ الحظُّ والنصيبُ، ومنه قولُ علقمةَ بنِ عَبَدَةَ (٢):

وفي كلِّ قومٍ قد خَبَطْتَ بنعمةٍ … فحُقَّ لشأسٍ مِن نَداك ذَنوبُ

أي: نصيبٌ، وأصلُه ما ذكَرْتُ، ومنه قولُ الراجزِ (٣):

لنا ذَنوبٌ ولكم ذَنوبُ

فإن أبَيْتُمْ فلنا القَلِيبُ

ومعنى الكلامِ: فإن للذين ظلَموا نصيبًا من عذابِ اللَّهِ وحظًّا نازلًا بهم، مثلَ نصيبِ أصحابِهم الذين مضَوْا مِن قبلِهم مِن الأممِ، على مِنهاجِهم مِن العذابِ، فلا يَسْتَعْجِلون به.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في الإتقان ٢/ ٤٤ - ، والبيهقي في الأسماء والصفات (٦٨) من طريق أبي صالح به.
(٢) ديوانه ص ٤٨.
(٣) البيتان في معاني القرآن للفراء ٣/ ٩٠.