للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صُغْتُ (١) الشمسَ والقمرَ، وحفَفْتُه بسبعةِ أملاكٍ حنفاءَ (٢).

وحدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: حدَّثنى عبدُ اللهِ بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وغيرِه مِن أهلِ العلمِ، أن اللهَ لمَّا بَوَّأ لإبراهيمَ مكانَ البيتِ، خرَج إليه مِن الشامِ، وخرَج معه بإسماعيلَ وبأمِّه هاجرَ، وإسماعيلُ طفلٌ صغيرٌ يَرْضَعُ، وحُمِلُوا -فيما حدَّثنى- علَى البُراقِ، ومعه جبريلُ يَدُلُّه على مَوْضعِ (٣) البيتِ ومَعالمِ الحرمِ، فخرَج وخرَج معه جبريلُ -يقال: كان لا يمرُّ بقريةٍ إلا قال: أبهذه أُمِرْتَ يا جبريلُ؟ فيقولُ جبريلُ: امْضِهْ- حتى قَدِم به مكةَ، وهى إذ ذاك عِضَاهُ سَلَمٍ وسَمُرٍ (٤)، وبها (٥) أناسٌ يقالُ لهم: العَماليقُ خارجَ مكةَ وما حولَها، والبيتُ يومَئذٍ رَبوةٌ حمراءُ مَدَرَةٌ. فقال إبراهيمُ لجبريلَ: أههنا أُمِرتَ أن أضَعَهما؟ قال: نعم. فعمَد بهما (٦) إلى موضعِ الحجرِ فأنزَلهما فيه، وأمر هاجرَ أمَّ إسماعيلَ أن تَتخِذَ فيه عريشًا، فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ إلى قولِه: ﴿لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ (٧) [إبراهيم: ٣٧].

قال ابنُ حميدٍ: قال سلمةُ: قال ابنُ إسحاقَ: ويَزْعُمون -واللهُ أعلمُ- أن ملكًا مِن الملائكةِ أتَى هاجرَ أمَّ إسماعيلَ -حينَ أنزَلهما إبراهيمُ مكةَ قبلَ


(١) في م: "صنعت".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حفا".
(٣) في الأصل: "مواضع". وينظر مصدر التخريج.
(٤) السَّلَمُ شجر من العضاه وورقها القرَظ الذى يدبغ به الأديم، والسَّمُرُ ضرب من العضاه، وقيل من الشجر صغار الورق قصار الشوك وله بَرَمَةٌ صفراء يأكلها الناس. اللسان (س ل م، س م ر).
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يروبها".
(٦) في الأصل: "بها".
(٧) أخرجه الأزرقى في أخبار مكة ١/ ٢١، ٢٢ من طريق محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وحده، وينظر تفسير ابن كثير ١/ ٢٦٠.