للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يَنْقُصْ مِن أجورِهم.

قال: ثنا حكامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الربيعِ: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُريَّاتِهِمْ بِإِيمَانٍ). يقولُ: أعْطَيناهم من الثوابِ ما أعْطَيناهم، ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾. يقولُ: ما نقَصْنا آباءَهم شيئًا (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وأَتْبَعْناهُمْ ذُرِّيَاتِهِمْ) كذلك قالها يزيدُ: (ذُرِّياتِهِمْ بإيمَانٍ ألْحَقْنَا بِهِمْ ذرّيَّاتِهِمْ). قال: عمِلوا بطاعةِ اللَّهِ، فألْحَقهم اللَّهُ بآبائِهم (١).

وأولى هذه الأقوالِ بالصوابِ وأشْبَهُها بما دلَّ عليه ظاهرُ التنزيلِ، القولُ الذي ذكَرنا عن سعيدِ بنُ جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، وهو: والذين آمَنوا باللَّهِ ورسولِه، وأتْبَعْناهم ذرِّيَّاتِهم الذين أدرَكوا الإيمانَ بإيمانٍ، وآمنوا باللَّهِ ورسولِه، ألْحَقنا بالذين آمنوا ذرِّيَّتهم الذين أدرَكوا الإيمانَ فآمَنوا، في الجنةِ، فجَعَلْناهم معهم في درجاتِهم، وإن قَصَرت أعمالُهم عن أعمالِهم، تَكْرِمةً مِنَّا لآبائِهم، وما ألَتْناهم من أجورِ عَمَلِهم شيئًا.

وإنما قلتُ: ذلك أولى التأويلاتِ به؛ لأن ذلك الأغلبُ من معانيه، وإن كان للأقوالِ الأُخَرِ وجوهٌ.

واختَلَفَتِ القرَأةُ في قراءةِ قولِه: (وأتْبَعْناهم ذرِّيَّاتِهم بإيمانٍ ألْحَقْنا بهم ذُرِّيَّاتِهم)؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرَأةِ المدينةِ: (واتبعَتْهم ذريتُهم) على التوحيد (بإيمانٍ ألْحَقْنا بهم ذُرِّيَّاتِهم) على الجمعِ (٢). وقرَأته قرَأةُ الكوفةِ: ﴿وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ كلتَيْهما بإفرادٍ (٣). وقرَأ بعضُ قرَأةِ البصرةِ وهو أبو عمرٍو:


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ٤٠٨.
(٢) وهي قراءة نافع. حجة القراءات ص ٦٨٢.
(٣) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وابن كثير المكي. المصدر السابق.