للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وأتْبَعْناهم ذُرِّيَّاتِهم بإِيمانٍ ألْحَقْنا بهم ذُرِّيَّاتِهم) (١).

والصوابُ من القولِ في ذلك أن جميعَ ذلك قراءاتٌ معروفاتٌ مستفيضاتٌ في قَرَأةِ الأمصارِ، متقارباتُ المعاني، فبأيَّتِها قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وما ألَتْنا الآباءَ. يعني بقولِه: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ﴾: وما نقَصْناهم من أجورِ أعمالِهم شيئًا، فنأخذَه منهم، فنجعلَه لأبنائِهم الذين ألْحَقناهم بهم، ولكِنَّا وفَّيْناهم أجورَ أعمالِهم، وألْحَقنا أبناءَهم بدرجاتِهم، تفَضُّلًا مِنا عليهم.

والأَلْتُ في كلامِ العربِ: النَّقصُ والبَخْسُ، وفيه لغةٌ أخرى: [(ومَا لِتْنَاهم)] (٢). ولم يقرَأْ بها أحدٌ نعلمُه. ومن الأَلْتِ قولُ الشاعرِ (٣):

أبلِغْ بني ثُعَلٍ عنِّي مُغَلغَلَةً (٤) … جَهدَ الرسالةِ لا ألْتًا ولا كَذِبا

يعني: لا نُقصانَ ولا زيادةَ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا مؤمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن عمرِو بنِ مرَّةَ، عن


(١) حجة القراءات ص ٦٨١، وقرأ ابن عامر: (واتبعتهم ذرياتُهم ألحقنا بهم ذرياتِهم).
* إلى هنا ينتهي السقط المشار إليه في ص ٥٧٨ من مخطوط جامعة القرويين والمسماة بالأصل.
(٢) سقط من: م، وفي الأصل، ت ٣: "ألِتْناهم". وهذه قراءة ابن كثير، واختلف عن قنبل في حذف الهمزة، فروى ابن شنبوذ عنه إسقاط الهمزة واللفظ بلام مكسورة، وهي قراءة أُبي والحسن وطلحة بن مصرف، وجاءت عن الأعمش، وروى ابن مجاهد إثبات الهمزة. ينظر النشر ٢/ ٢٨٢، وإتحاف فضلاء البشر ص ٢٤٧.
(٣) هو الحطيئة، والبيت في ديوانه ص ١٣٥، ورواية الشطر الأول فيه: "أبلغ سراة بني سعد مغلغلة". ورواية المصنف هي رواية الفراء في معاني القرآن ٣/ ٩٢.
(٤) المغَلغَلة بفتح الغينين: الرسالة المحمولة من بلد إلى بلد، وبكسر الغين الثانية: المسرعة، من الغلغلة؛ سرعةِ السير. اللسان (غ ل ل).