للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما قلتُ: هذا القولُ أولى القولين بالصوابِ؛ لأن الجميعَ مُجمِعون على أنه غيرُ واجبٍ أن يُقالَ في الصلاةِ: سُبحانَك اللهمَّ (١) وبحمدِك، وما رُوِي عن الضحاكِ عندَ القيامِ إلى الصلاةِ، فلو كان القولُ كما قاله الضحاكُ لكان فرضًا أن يُقالَ ذلك (٢)؛ لأن قولَه: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ أمرٌ من اللهِ بالتَّسبيحِ، وفي إجماعِ الجميعِ على أن ذلك غيرُ واجبٍ الدليلُ الواضحُ على أن القولَ في ذلك غيرُ الذي قاله الضحاكُ.

فإن قال قائلٌ: لعله أُرِيد به (٣) الندبُ والإرشادُ (٤). قيل: لا دلالةَ في الآيةِ على ذلك، ولم تَقُمْ حجةٌ بأن ذلك معنيٌّ به ما قاله الضحاكُ، فيُجْعلَ إجماعُ الجميعِ على أن التسبيحَ عندَ القيامِ إلى الصلاةِ مما خُيِّر المسلمون فيه، دليلًا لنا على أنَّه أُرِيد به الندبُ والإرشادُ.

وإنما قُلنا: عُنِي به القيامُ من نومِ القائلةِ؛ لأنه لا صلاةَ تجبُ فرضًا بعد وقتٍ من أوقاتِ نومِ الناسِ المعروفِ، إلَّا بعدَ نومِ الليلِ، وذلك صلاةُ الفجرِ، أو بعدَ نومِ القائلةِ، وذلك صلاةُ الظُّهرِ؛ فلما أمَر بعدَ قولِه: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾. بالتَّسبيحِ بعدَ إدبارِ النجومِ، وذلك ركْعَتا الفجرِ، بعدَ قيامِ الناسِ من نومِهم ليلًا - عُلِم أن الأمرَ بالتسبيحِ بعدَ القيامِ من النومِ هو أمرٌ بالصلاةِ التي تجِبُ بعدَ قيامٍ من نومِ القائلةِ، على ما ذكَرْنا، دونَ (٥) القيامِ من نومِ الليلِ.

وقولُه: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾. يقولُ: ومن الليلِ فعَظِّم ربَّك يا محمدُ


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) سقط من: م.
(٣) في ت ٣: "منه".
(٤) في الأصل: "الرشاد".
(٥) في الأصل: "من". وفي ت ٢: "بعد".