للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاجرُ: يا إبراهيمُ إلى مَن تَكِلُنا؟ قال: إلى اللهِ. قالت: انْطَلِقْ فإنه لا يُضَيِّعُنا. قال: فعَطِش إسماعيلُ عَطَشًا شديدًا، قال: فصَعِدت هاجرُ الصَّفَا فنظَرت فلم تَرَ شيئًا، ثم أتَتِ المَروةَ فنَظَرتْ فلم ترَ شيئًا، ثم رجَعت إلى الصَّفَا فنَظَرت فلم تَر شيئًا، حتى فعَلت ذلك سبعَ مرارٍ، فقالت: يا إسماعيلُ مُتْ حيثُ لا أراك. فأتَتْه وهو يَفْحَصُ برجلِه مِن العطش، فناداها جبريلُ، فقال لها: مَن أنتِ؟ فقالت: أنا هاجرُ أمُّ ولدِ إبراهيمَ. قال: إلى مَن وَكَلكما؟ قالت: وَكَلنا إلى اللهِ. قال: وَكَلكما إلى كافٍ. قال: ففَحَص الغلامُ (١) الأرضَ بأصبعِه، فنَبَعت زمزمُ، فجعَلت تحبسُ الماءَ، فقال: دَعيه، فإنها رَوَاءٌ (٢).

حدَّثنا [هنادُ بنُ السرىِّ] (٣)، قال: ثنا أبو الأحوصِ، عن سِماكٍ، عن خالدِ بنِ عرعرةَ، أن رجلًا قام إلى عليٍّ فقال: ألا تُخْبرُنى عن البيتِ أهو أولُ بيتٍ وُضِعَ في الأرضِ؟ فقال: لا، ولكنه أولُ بيتٍ وُضِعَ فيه (٤) البركةُ، مَقامُ إبراهيمَ، ومَن دخَله كان آمنًا، وإن شِئْتَ أنْبأتُك كيف بُنِىَ، إن اللهَ أوْحَى إلى إبراهيمَ أن ابْنِ لي بيتًا في الأرضِ. قال: فضاق إبراهيمُ بذلك ذَرْعًا، فأرسل اللهُ السكينةَ -وهي ريحٌ خَجُوجٌ، ولها رأسان- فأَتْبع أحدُهما صاحبَه حتى انْتَهت إلى مكَّةَ، فتَطوَّت على مَوضعِ البيتِ


(١) زيادة من تاريخ المصنف.
(٢) الماء الرواء: العذب. اللسان (روى).
والاُثر أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٥٢. وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٥١ من طريق مؤمل به. وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه الأزرقى في أخبار مكة ١/ ٢٧، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٣١ (١٢٢٩) من طريق أبي إسحاق به، بأوله. ونقله ابن كثير ١/ ٢٥٧، ٢٥٨ عن المصنف، وقال: ففي هذا السياق أنه بنى البيت قبل أن يفارقهما، وقد يحتمل -إن كان محفوظًا- أن يكون أوّلًا وضع له حوطا وتحجيرا، لا أنه بناه إلى أعلاه، حتى كبر إسماعيل فبنياه معًا كما قال الله تعالى.
(٣) في م: "عباد".
(٤) في الأصل، م: "في". والمثبت من مصادر التخريج.