للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾. قال: يَبِس آدمُ في الطينِ في الجنةِ حتى صار كالصَّلْصالِ، وهو الفخارُ. والحمأُ المسنونُ المُنتنُ الريحِ.

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ مَرْوانَ، قال: ثنا أبو العوّامِ، عن قتادةَ: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾. قال: من ترابٍ يابسٍ له صلْصلةٌ (١).

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا شبيبُ بنُ بشرٍ، عن عكرِمةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾. قال: ما عُصِر فخرَج مِن بينِ الأصابعِ.

ولو وجَّه موجِّهٌ قولَه: ﴿صَلْصَالٍ﴾ إلى أنَّه فَعْلالٌ من قولِهم: صلَّ اللَّحمُ. إذا أَنْتَن وتَغيَّرتْ ريحُه. كما قيل مِن: صرَّ البابُ: صَرْصَرَ، و: كَبْكَب. من كَبَّ - كان وجْهًا ومذهَبًا.

وقولُه: ﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وخلَق الجانَّ من مارجٍ؛ وهو ما اخْتَلَط بعضُه ببعضٍ، من بينِ أحمرَ وأصفرَ وأخضرَ، من قولِهم: مَرِج أمرُ القومِ. إذا اختَلَط، ومن قولِ النبيِّ لعبدِ اللَّهِ بن عمرٍو (٢): "كيف بكَ إذا كنتَ في حُثالَةٍ مِن النَّاسِ قد مَرِجَتْ عُهودُهم وأماناتُهم" (٣).

- وذلك هو لَهبُ النَّارِ ولسانُه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٥١.
(٢) في الأصل: "عمر".
(٣) تقدم في ١٧/ ٤٧١.