للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ مِن القولِ في اللؤلؤِ أنه هو الذي قد عرَفه الناسُ مما يَخْرُجُ مِن أصدافِ البحرِ مِن الحبِّ، وأما المرجانُ، فإني رأيتُ أهلَ المعرفةِ بلسانِ (١) العربِ لا يدافِعون (٢) أنه جمعُ مَرْجانةٍ، وأنه الصغارُ من اللؤلؤِ، وقد ذكَرْنا ما فيه مِن الاختلافِ بينَ مُتَقَدِّمي أهلِ العلمِ، واللَّهُ أعلمُ بصوابِ ذلك.

وقد زعَم بعضُ أهلِ العربيةِ (٣) أن اللؤلؤَ والمرجانَ يَخْرُجُ مِن أحد البحرين، ولكن قيل: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ كما يقالُ: أكَلْتُ خبزًا ولبنًا. وكما قيل (٤):

ورأيْتِ زوجَك في الوَغَى … مُتَقَلِّدًا سيفًا ورُمْحَا

وليس ذلك كما ذهَب إليه، بل ذلك كما وصَفْتُ قبلُ مِن أن ذلك يَخْرُجُ مِن أصدافِ البحرِ عن قطرِ السماءِ، فلذلك قيل: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾. يعني [به البحرين] (٥).

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّهِ الرازيِّ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: إن السماءَ إذا أمْطَرَت فتَحَت الأصدافُ أفواهَها، فمنها اللؤلؤُ (٦).


(١) في م: "بكلام".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يتدافعون".
(٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٤٤.
(٤) تقدم تخريجه في ١/ ١٤٠.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به البحران"، وفي م: "بهما البحران"، وفي ت ٣: "به البحر".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٤٦٨ - من طريق عبد الرحمن به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٤٢ إلى ابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن المنذر.