للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمصيبٌ؛ لتقارُبِ معنييهما.

وقولُه: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فبأىِّ نِعَمِ رَبِّكما معشرَ الثَّقَلِين، التي أنْعَم بها عليكم ربُّكم، فيما أخْرَج لكم مِن منافعِ هذين البحرين، تُكَذِّبان؟

وقولُه: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾. يقولُ جلّ وعزّ: ولِربِّ المشرقَيْن والمغربَيْن ﴿الْجَوَارِ﴾. وهي السفنُ الجاريةُ في البحارِ.

وقولُه: ﴿الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ﴾. اخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَته عامةُ قرأةِ الكوفةِ: (المُنْشِئات) بكسرِ الشينِ (١)، بمعنى: الظاهراتُ السَّيْرِ اللاتي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ. وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ البصرةِ والمدينةِ وبعضُ الكوفيين: ﴿الْمُنْشَآتُ﴾ بفتحِ الشينِ (٢)، بمعنى: المرفوعاتُ (٣) القِلاعِ (٤)، اللاتي تُقْبِلُ بهن وتُدْبِرُ.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، صحيحتا المعنى مُتَقارِبتاه، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ

ذكرُ مَن قال في تأويلِ ذلك ما ذكَرْناه فيه

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: أخبَرنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ


(١) هي قراءة حمزة، والوجهان عن أبي بكر. النشر ٢/ ٢٨٤.
(٢) هي قراءة ابن كثير ونافع وحفص وأبي عمرو وابن عامر والكسائي وأبى جعفر ويعقوب وخلف. المصدر السابق.
(٣) في الأصل: "المرفعات".
(٤) مفرد قلع وهو الشراع. الوسيط (ق ل ع).