للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهاء والألفُ في قوله: ﴿لَهَا﴾ عائدة إن شئتَ على ﴿تِلْكَ﴾، وإن شئتَ على ﴿أُمَّةٌ﴾.

ويعنى بقوله: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ أى: ما عملت من خير، ولكم يا معشر اليهود والنصارى مثل ذلك ما عمِلتم، ولا تُؤاخَذون أنتم أيها [الناحِلوهم ما تنحُلونهم] (١) من الملل، فتُسألوا عمَّا كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدُهم يعملون فيكسِبون من خير وشرّ؛ لأن لكل نفس ما كسَبت، وعليها ما اكتسَبت، فدَعُوا انتحالهم وانتحالَ مِلَلِهم، فإن الدعاوَى غيرُ مُغْنِيَتِكم عندَ اللهِ شيئا (٢)، وإنما يُغْنى عنكم عنده ما سلَف لكم مِن صالحِ أعمالِكم إن كنتم عمِلتموها وقدَّمْتُموها أمامَكم (٢).

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾.

يعني تعالى ذكره بقوله: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾: وقالتِ

اليهود لمحمد وأصحابه من المؤمنين: كونوا يهودًا تَهْتَدُوا. وقالتِ النصارى لهم: كونوا نصارَى تَهْتَدُوا. ويعنى بقوله: ﴿تَهْتَدُوا﴾. أى: تُصِيبوا طَريق الحقِّ.

كما حدثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونُس بنُ بُكيرٍ، وحدثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، جميعا عن ابن إسحاقَ، قال: حدثني محمدُ بن أبى محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، قال: حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمةُ، عن ابنِ عباس، قال: قال عبدُ اللَّهِ ابنُ صُورِيا الأعورُ لرسولِ اللهِ : ما الهُدَى إلا ما نحن عليه، فاتَّبِعْنا يا محمد تَهْتَد. وقالتِ النصارى مثلَ ذلك، فأنزل الله فيهم: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ


(١) فى م، ت ١، ت ٣: «الناحلون ما نحلتموهم»، وفى ت: ٢ «الناحلون ما ينحلونهم».
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.