للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ﴾. قال: كنا نحدَّثُ أنها ظلُّ الدخانِ.

حدَّثنا يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ﴾. قال: ظلُّ الدخانِ دخانِ جَهنمَ، زعَم ذلك بعضُ أهلِ العلمِ.

وقولُه: ﴿لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ليس ذلك الظلُّ بباردٍ كبردِ ظلالِ سائرِ الأشياءِ، ولكنه حارٌ؛ لأنه دخانٌ من سعيرِ جَهنمَ، وليس بكريمٍ؛ لأنه مُؤْلِمُ مَن استظلَّ به. والعربُ تُتْبِعُ كلَّ منفيٍّ عنه صفةُ حمدٍ، نفيَ الكرمِ عنه، فتقولُ: ما هذا الطعامُ بطيبٍ ولا كريمٍ، وما هذا اللحمُ بسمينٍ ولا كريمٍ، وما هذه الدارُ بنظيفةٍ ولا كريمةٍ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ بَزيعٍ، قال: ثنا النضرُ، قال: ثنا جويبرٌ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ﴾. قال: كلُّ شرابٍ ليس بعذبٍ فليس بكريمٍ (١).

وكان قتادةُ يقولُ في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ﴾. قال: لا باردِ المنزلِ، ولا كريمِ المنظرِ (٢).

وقولُه: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن هؤلاء الذين وصَف صفتَهم من أصحابِ الشمالِ، كانوا قبلَ أن يُصيبَهم من عذابِ اللَّهِ ما


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ١٥.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٦٠ إلى المصنف وعبد الرزاق وابن المنذر.