للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال: الذين لم يَرْعَوْها حقَّ رِعايتِها الذين ابْتَدَعوها

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾ إلى قولِه: ﴿حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾. يقولُ: ما أطاعوني فيها، وتكلَّموا فيها بمعصيةِ اللَّهِ. وذلك أنَّ اللَّهَ ﷿ كتَب عليهم القتالَ قبلَ أنْ يَبْعثَ محمدًا ، فلما اسْتُخْرِج أهلُ الإيمانِ، ولم يَبْقَ منهم إلا قليلٌ، وكَثُر أهلُ الشركِ، وذهَب الرسلُ وقُهِرُوا، اعتزَلوا في الغِيرانِ (١)، فلم يَزَلْ بهم ذلك حتى كَفَرت طائفةٌ منهم، وتَرَكوا أمرَ اللَّهِ ﷿ ودينَه، وأَخَذوا بالبدعةِ وبالنصرانيةِ وباليهوديَّةِ، فلم يَرْعَوْها حقَّ رِعايتِها، وثَبَتَتْ طائفةٌ على دينِ عيسى ابنِ مريمَ صلواتُ اللَّهِ عليه، [حتى جاءتْهم البيناتُ] (٢)، وبعَث اللَّهُ ﷿ محمدًا رسولًا وهم كذلك، فذلك قولُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ إلى: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

حدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾. كان اللَّهُ ﷿ كتَب عليهم القتالَ قبلَ أنْ يَبْعَثَ محمدًا فلما اسْتُخرِج أهلُ الإيمانِ، ولم يَبْقَ منهم إلا القليلُ، وكثُر أهلُ الشركِ، وانقطَعت الرسلُ، اعتزَلوا الناسَ، فصاروا في الغِيرانِ، فلم يزالوا كذلك (٣) حتى غيَّرت طائفةٌ منهم، فترَكوا دينَ اللَّهِ وأمرَه وعهدَه الذي عَهِده إليهم، وأخَذوا بالبدعِ، فابْتَدَعوا النصرانيةَ


(١) الغيران: جمع غار. والغار كالكهف في الجبل، وقيل: شبه البيت فيه. اللسان (غ و ر).
(٢) في م: "حين جاءهم بالبينات".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بذلك".