للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾. قال: انشُزوا عن رسولِ اللَّهِ . قال: هذا في بيتِه، إذا قيل: انشُزوا. فارتفِعوا عن النبيِّ ؛ فإن له حوائجَ، فأحبَّ كلُّ رجلٍ منهم أن يكونَ آخرَ عهدِه برسولِ اللَّهِ ، فقال اللَّهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾ (١).

وإنما اختَرْتُ التأويلَ الذي قلتُ في ذلك؛ لأن اللَّهَ ﷿ أَمَر المؤمنين إذا قيل لهم: انشُزوا. أَنْ يَنْشُزوا، فعمَّ بذلك الأمرِ جميعَ معاني النشوزِ مِن الخيراتِ، فذلك على عمومِه حتى يَخُصَّه ما يجبُ التسليمُ له.

واختلَفتِ القرأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأَتْه عامةُ قرأَةِ المدينةِ ﴿فَانْشُزُوا﴾ بضمِّ الشينِ. وقرأ ذلك عامةُ قرأَةِ الكوفةِ والبصرةِ بكسرِها (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان، بمنزلةِ يَعْكُفون ويَعْكِفون، ويَعْرُشون ويَعْرِشون، فبأَيِّ القراءتين قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يرفعِ اللَّهُ المؤمنين منكم أيُّها القومُ بطاعتِهم ربَّهم فيما أَمَرهم به من التفسُّحِ في المجلسِ إذا قيل لهم: تفسَّحوا، أو بنُشُوزِهم إلى الخيراتِ إذا قيل لهم: انشُزوا إليها. ويرفعِ اللَّهُ الذين أوتوا العلمَ مِن أهلِ الإيمانِ على المؤمنين الذين لم يُؤْتَوُا العلمَ بفضلِ علمِهم درجاتٍ - إذا عمِلوا بما أُمِروا به.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ٢٩٩، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٧٤.
(٢) قرأ نافع وعاصم وابن عامر بضم الشين والابتداء بضم الألف، وقرأ الباقون بكسر الشين والابتداء بكسر الألف. الكشف ٢/ ٣١٥.