يقولُ تعالى ذكره: يا أيُّها الذين صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، إذا ناجَيتم رسولَ اللَّهِ، فقدِّموا أمامَ نجواكم صدقةً تتصدَّقون بها على أهلِ المسكنةِ والحاجةِ، ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾. يقولُ: وتقديمُكم الصدقةَ أمامَ نجواكم رسولَ اللَّهِ ﷺ خيرٌ لكم عندَ اللَّهِ، ﴿وَأَطْهَرُ﴾ لقلوبِكم مِن المآثمِ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾. قال: نُهوا عن مناجاةِ النبيِّ ﷺ حتى يتَصدَّقوا، فلم يُناجِه إلا عليُّ بن أبي طالبٍ ﵁، قدَّم دينارًا فتَصدَّق به، ثم أُنزِلت الرُّخصةُ في ذلك (١).
حدَّثنا محمدُ بنُ عبيدِ بنِ محمدٍ المُحاربيُّ، قال: ثنا المطَّلِبُ بنُ زيادٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال عليٌّ ﵁: إن في كتابِ اللَّهِ ﷿ لآيةً ما عمِل بها أحدٌ قبْلي، ولا يَعْمَلُ بها أحدٌ بعدِي: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾. قال: فُرِضت ثم نُسِخت.
حدَّثني موسى بنُ عبدِ الرحمنِ المسروقيُّ، قال: ثنا أبو أُسامةَ، عن شِبْلِ بنِ عبَّادٍ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ
(١) تفسير مجاهد ص ٦٥١. وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٨٠ - ومن طريقه ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٤٨٠ - من طريق سليمان الأحول عن مجاهد. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.