للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾. قال: نُهوا عن مناجاةِ النبيِّ حتى يتصدَّقوا، فلم يُناجِه إلا عليُّ بن أبي طالبٍ ، قدَّم دينارًا صدقةً تَصدَّق به، ثم أُنزِلت الرُّخصةُ.

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابنُ إدريس، قال: سمعتُ ليثًا، عن مجاهدٍ، قال: قال عليٌّ : آيةٌ مِن كتابِ اللَّهِ لم يَعْملْ بها أحدٌ قبْلي، ولا يَعْمَلُ بها أحدٌ بعدِي؛ كان عندِي دينارٌ فصَرَفْتُه بعَشَرةِ دراهمَ، فكنتُ إذا جئتُ إلى رسولِ اللَّهِ تصدَّقتُ بدرهمٍ، فَنُسِخت، فلم يَعْملْ بها أحدٌ قبْلي؛ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾. قال: سأل الناسُ رسولَ اللَّهِ حتى أحْفَوه بالمسألةِ (٢)، فقَطَعهم (٣) اللَّهُ بهذه الآيةِ، وكان الرجلُ تكونُ له الحاجةُ إلى نبيِّ اللَّهِ ، فلا يستطيعُ أن يَقضِيَها حتى يُقدِّمَ بينَ يديه صدقةً، فاشتدَّ ذلك، عليهم، فأَنزَل اللَّهُ ﷿ الرخصةَ بعدَ ذلك؛ ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٤).


(١) أخرجه أبو عبيد في ناسخه ص ٣٧٣، وابن أبي شيبة ١٢/ ٨١ عن ابن إدريس به. وأخرجه إسحاق بن راهويه - كما في المطالب العالية (٤١٤٠) - وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٤٧٩ من طريق ليث به. وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٨٢ من طريق مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٥ إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٢) أحفى فلانا: ألح عليه في السؤال وجَهَده. الوسيط (ح ف ى).
(٣) في ص، ت ٢، ت ٣: "فعظمهم"، وفي م: "فوعظهم"، وفي ت ١: "فعصمهم". والمثبت من تفسير ابن كثير، وقطعهم بالآية: أي جعلهم يكفون عن المسألة.
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٧٦.