للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾. قال: كان الفَيءُ في هؤلاءِ، ثم نُسِخ ذلك في سورةِ "الأنفالِ"، فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١]. فنَسَخت هذه الآيةُ ما كان قبلَها في سورةِ "الحَشْرِ" (١)، [وجُعِل الخُمُسُ لمن] (٢) كان له الفَيءُ في سورةِ "الحشرِ"، وكانت الغنيمةُ تُقْسَمُ خمسةَ أخماسٍ؛ [فأَرْبعةُ أخماسٍ] (٢) لمن قاتل عليها، ويُقْسَمُ الخُمُسُ الباقي على خمسةِ أخماسٍ؛ فخُمُسٌ للَّهِ وللرسولِ، وخُمُسٌ لقرابةِ رسولِ اللَّهِ في حياتِه، وخُمُسٌ لليتامى، وخُمُسٌ للمساكين، وخُمُسٌ لابنِ السبيلِ، فلما قضَى رسولُ اللَّهِ وجَّه أبو بكرٍ وعمرُ هذين السَّهْمين؛ سَهْمَ رسولِ اللَّهِ وسَهْمَ قرابتِه، فحمَلا عليه في سبيلِ اللَّهِ، صدقةً عن رسولِ اللَّهِ (٣).

وقال آخرون: عُنِي بذلك ما صالَح عليه أهلُ الحَرْبِ المسلمين من أمواِلهم. وقالوا: قولُه: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ الآيات، بيانُ قَسْمِ المالِ الذي ذكَره اللَّهُ في الآيةِ التي قبلَ هذه الآيةِ، وذلك قولُه: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾. وهذا قولٌ كان يقولُه بعضُ المُتفقِّهةِ مِن المتأخرين.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندي أنَّ هذه الآيةَ حكمُها غيرُ حكمِ الآيةِ التي قبلَها، وذلك أنَّ الآيةَ التي قبلَها مالٌ جعَله اللَّهُ ﷿ لرسولِه خاصةً دونَ غيرِه، لم


(١) في م، ت ١: "الأنفال".
(٢) سقط من: ت ٢، ت ٣.
(٣) تقدم تخريجه في ١١/ ١٨٩، كما عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٩٢، ١٩٣ إلى عبد بن حميد.