للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجْعَلْ لأحدٍ فيه نصيبًا، وبذلك جاء الأثرُ عن عمرَ بن الخطابِ .

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن مالكِ بن أَوْسِ بنِ الحَدَثانِ، قال: أَرْسَلَ إليَّ عمرُ بنُ الخطابِ ، فدخَلْتُ عليه، فقال: إنَّه قد حضَر أهلُ أبياتٍ مِن قومِك، وإنا قد أَمَرْنا لهم برَضْخٍ (١)، فاقْسِمه بينهم. فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، مُرْ بذلك غيري. قال: اقْبِضْه أيُّها المرءُ. فبينما أنا كذلك، إذ جاء يَرْفَأُ، مولاه، فقال: عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ، والزبيرُ، وعثمانُ، وسعدٌ يَسْتأْذِنون. فقال: ائذَنْ لهم. ثم مكَث ساعةً، ثم جاء فقال: هذا عليٌّ والعباسُ يَسْتأْذِنان. فقال: ائذَنْ لهما. فلما دخل العباسُ قال: يا أميرَ المؤمنين، اقْضِ بيني وبينَ هذا الغادِرِ الخائنِ الفاجرِ (٢). [وهما جاءا] (٣) يَخْتصِمان فيما أفاء اللَّهُ على رسولِه من أعمالِ بني النَّضيرِ، فقال القومُ: اقْضِ بينهما يا أميرَ المؤمنين وأَرِحْ كلَّ واحدٍ منهما من صاحبِه، فقد طالَت خصومتُهما. فقال: أنشُدُكم اللَّهَ الذي بإذنِه تقومُ السماواتُ والأرضُ، أَتعلَمون أنَّ رسولَ اللَّهِ قال: "لا نُورَثُ، ما تَرَكْناه صَدَقَةٌ"؟ قالوا: قد قال ذلك. ثم قال لهما: أتعلَمان أنَّ رسولَ اللَّهِ قال ذلك؟ قالا: نعم؛ قال: فسأُخْبِرُكم بهذا الفَيءِ؛ إِنَّ اللَّهَ خصَّ نبيَّه بشيءٍ لم يُعْطِه غيرَه، فقال: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾. فكانت هذه لِرَسولِ اللَّهِ خاصةً، فواللَّهِ ما احتازها دونَكم، ولا استأْثَر بها دونَكم، ولقد قسَمها عليكم حتى بَقِي منها هذا المالُ، فكان رسولُ اللَّهِ يُنْفِقُ على أهلِه منه سَنَتَهم، ثم يَجْعَلُ ما بَقِي في مالِ اللَّهِ (٤).


(١) الرّضْخ: العطية القليلة. النهاية ٢/ ٢٢٨.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "العاجز".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وهم أحسد".
(٤) أخرجه النسائي (١١٥٧٥) عن محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه أبو داود (٢٩٨٤) من طريق ابن =