للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كانت هذه الآيةُ التي قبلَها مضَت، وذُكِر المالُ الذي خصَّ اللَّهُ به رسولَه ، ولم يَجْعَلْ لأحدٍ معه شيئًا، وكانت هذه الآيةُ خبرًا عن المالِ الذي جعَله اللَّهُ لأصنافٍ شتَّى - كان معلومًا بذلك أن المالَ الذي جعَله لأصنافٍ مِن خَلْقِه غيرُ المالِ الذي جعَله للنبيِّ خاصةً ولم يَجْعَلْ له شريكًا.

وقولُه: ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾. يقولُ: ولذى قرابةِ رسولِ اللَّهِ مِن بني هاشمٍ وبني المطلِبِ، ﴿وَالْيَتَامَى﴾ وهم أهلُ الحاجةِ مِن أطفالِ المسلمين الذين لا مالَ لهم، ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ وهم الجامِعون فاقةً وذلَّ المسألةِ، ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ وهم المُنْقَطَعُ بهم من المسافرين في غيرِ معصيةِ اللَّهِ ﷿.

وقد ذكَرْنا الروايةَ التي جاءت عن أهلِ التأويلِ بتأويلِ ذلك فيما مضَى مِن كتابِنا (١).

وقولُه: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وجعَلنا ما أفاء اللَّهُ على رسولِه من أهل القُرى لهذه الأصنافِ؛ كيلا يكونَ ذلك الفَيْءُ دُولةً يَتَداوَلُه الأغنياءُ منكم بينهم؛ يَصْرِفُه هذا مرَّةً في حاجاتِ نفسِه، وهذا مرَّةً في أبوابِ البرِّ وسُبُلِ الخيرِ، فيَجْعَلون ذلك حيث شاءوا، ولكننا سَنَنّا فيه سنَّةً لا تُغَيَّرُ ولا تُبَدَّلُ.

واختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأتْه عامةُ قرأةِ الأمصارِ سوى أبي جعفرٍ


= ثور به، وأخرجه أبو عبيد في الأموال (١٧)، وأحمد ١/ ٤٨٢ (٤٢٥)، وأبو عوانة (٦٦٦٨)، وابن حبان (٦٦٠٨)، والبيهقي ٦/ ٢٩٨ من طريق معمر به، وأخرجه البخاري (٤٨٨٥)، ومسلم (١٧٥٧)، وأبو داود (٢٩٦٣)، والترمذي (١٦١٠) من طريق الزهري به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٩٣ إلى عبد بن حميد.
(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ١٩٢، ١٩٣، ٣/ ٨٢ - ٨٤، ١١/ ١٩٣ - ١٩٦، ٥٠٩ - ٥١٦، ٢٠/ ٤٩٥ - ٥٠٢.