للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القارئِ: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً﴾ نصبًا على ما وصَفْتُ من المعنى، وأنَّ في ﴿يَكُونَ﴾ ذكرَ الفَيْءِ. وقولُه: ﴿دُولَةً﴾. نَصْبٌ؛ خبرُ ﴿يَكُونَ﴾. وقرَأ ذلك أبو جعفرٍ القارئُ: (كَيْلا يَكُونَ دُولَةٌ) على رفعِ الدُّوْلةِ (١)، مرفوعةٌ بـ (يكون)، والخبرُ قولُه: ﴿بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾. وبضمِّ الدَّالِ مِن: ﴿دُولَةً﴾. قرَأ جميعُ قرأةِ الأمصارِ، غيرَ أنه حُكِي عن أبي عبدِ الرحمنِ الفَتْحُ فيها (٢).

وقد اختلَف أهلُ المعرفةِ بكلامِ العربِ في معنى ذلك إذا ضُمَّتِ الدَّالُ أو فُتِحَت؛ فقال بعضُ الكوفيِّين: معنى ذلك إذا فُتِحَت: الدَّوْلةُ، وتكونُ للجيشينِ (٣) يَهْزِمُ هذا هذا، ثم يُهْزَمُ الهازِمُ، فيقالُ: قد رجَعت الدَّولةُ على هؤلاءِ. قال: والدُّولةُ برفعِ الدَّالِ: في المُلْكِ والسنين التي تُغَيَّرُ وتُبدَّلُ على الدَّهْرِ، فتلك الدُّولةُ والدُّولُ (٢). وقال بعضُهم: فَرْقُ ما بينَ الضمِّ والفَتْحِ أنَّ الدُّولةَ هي اسمُ الشيءِ الذي يُتداوَلُ بعينِه، والدَّولةَ الفِعْلُ.

والقراءةُ التي لا أَسْتَجيزُ غيرَها في ذلك: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ﴾ بالياءِ، ﴿دُولَةً﴾ بضمِّ الدَّالِ ونَصْبِ الدُّولةِ، على المعنى الذي ذكَرْتُ في ذلك؛ لإجماعِ الحجةِ عليه (٤)، والفَرْقُ بين الدُّولةِ والدَّولةِ بضمِّ الدَّالِ وفَتْحِها ما ذكَرْتُ عن الكوفيِّ في ذلك.


(١) قراءة نصب ﴿دولةً﴾ وبالياء في ﴿يكون﴾ هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف، وقراءة رفع (دولةٌ) وبالتاء في (تكون) هي قراءة أبي جعفر المدني وحده. ينظر النشر ٢/ ٢٨٨.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ١٤٥.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٣: "للجيش".
(٤) القراءتان كلتاهما صواب؛ لأنهما متواترتان.