للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ﴾ إلى: ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾. قال عبدُ اللَّهِ بنُ عباسٍ: كان راهبٌ مِن بني إسرائيلَ يعبُدُ اللَّهَ فيُحسِنُ عبادتَه، وكان يُؤْتَى مِن كلِّ أرضٍ فيُسْئلُ عن الفقهِ، وكان عالمًا، وإنَّ ثلاثةَ إخوةٍ كانت لهم أختٌ حسنةٌ مِن أحسنِ الناسِ، وإنَّهم أرادوا أن يُسافِروا، فكبُر عليهم أن يُخلِفوها ضائعةً، فجعَلوا يَأْتَمرون ما يفعَلون بها، فقال أحدُهم: أدُلُّكم على مَن تَتْرُكونها عندَه؟ قالوا: مَن هو؟ قال: راهبُ بني إسرائيلَ؛ إن ماتت [قام عليها] (١)، وإن عاشت حَفِظها حتى تَرْجِعوا إليه. فعَمَدوا إليه فقالوا: إنا نريدُ السفرَ، ولا نجدُ أحدًا أوثقَ في أنفسِنا، ولا أحفَظَ لما وُلِّي منك لما جُعِل عندك، فإِنْ رأَيْتَ أنْ نجعَلَ أُخْتَنا عندَك، فإنها ضائعةٌ شديدةُ الوَجَعِ، فإن ماتَتْ فقُمْ عليها، وإن عاشَتْ فأَصْلِحْ إليها حتى نرجِعَ. فقال: أَكْفِيكُم إن شاء اللَّهُ. فَانْطَلَقوا، فقام عليها فداواها حتى بَرَأَتْ، وعاد إليها حسنُها، فاطَّلَع إليها، فوجَدها مُتَصَنِّعةً، فلم يَزَلْ به الشيطانُ يُزَيِّنُ له أنْ يَقَعَ عليها حتى وقَع عليها، فحمَلَتْ، ثم ندَّمه الشيطانُ، فزَيَّن له قَتْلَها، قال: إنْ لم تَقْتُلُها افْتَضَحْتَ، وعُرِف شَبَهُك في الولدِ، فلم يكنْ لك معذرةٌ. فلم يَزَلْ به حتى قتَلها، فلما قَدِم إخوتُها [سأَلوه ما فعَلْتَ؟ قال: ماتت فدَفَنْتُها] (٢). قالوا: قد أَحْسَنْتَ. ثم جعَلُوا يَرَوْن في المنامِ، ويُخْبَرون أنَّ الراهبَ هو قتَلها، وأنها تحتَ شجرةِ كذا وكذا، فعَمَدوا إلى الشجرةِ، فوجَدوها تحتَها قد قُتِلَت، فعَمَدوا إليه فأَخَذوه، فقال له الشيطانُ: أنا زيَّنْتُ لك الزنا وقَتْلَها بعدَ الزنا، فهل لك أن أُنْجِيَك؟ قال: نعم. قال: أَفَتُطِيعُني؟ قال: نعم. قال: فاسْجُدْ لي سَجْدَةً واحدةً. فسجَد له ثم قُتِل. فذلك قولُه: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي


(١) في ص: "عليها"، وفي ت ١: "غسلها".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.