للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيُّ : "أليس قد شَهِد بدرًا؟ ". قال: بلى، ولكنه قد نكَث وظاهَر أعداءَك عليك. فقال النبيُّ : "فلعل اللَّهَ قد (١) اطَّلَع على أهلِ بدرٍ فقال: اعْمَلوا ما شِئْتم". ففاضَتْ عينا عمرَ، وقال: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ. فأَرْسَل إلى حاطبٍ، فقال: "ما حمَلك على ما صنَعْتَ؟ ". فقال: يا نبيَّ اللَّهِ، إني كنتُ امرأً مُلْصَقًا في قريشٍ، وكان لي بها أهلٌ ومالٌ، ولم يكنْ مِن أصحابِك أحدٌ إلا وله بمكةَ مَن يمنَعُ أهلَه ومالَه، فكتبْتُ إليهم، فذلك، واللَّهِ يا نبيَّ اللَّهِ إني لمؤمنٌ باللَّهِ وبرسولِه. فقال النبيُّ : "صدَق حاطبٌ، فلا تقولوا لحاطبٍ إلا خيرًا". فقال حبيبُ بنُ أَبي ثابتٍ: فأَنزَل اللَّهُ ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ﴾ الآية (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنا عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ إلى آخرِ الآيةِ: نزَلت في رجلٍ كان مع النبيِّ بالمدينةِ مِن قريشٍ، كتَب إلى أهلِه وعشيرتِه بمكةَ يخبِرُهم وينذِرُهم أنَّ رسولَ اللَّهِ سائرٌ إليهم، فأُخْبِر رسولُ اللَّهِ بصحيفتِه، فبعَث إليها عليَّ بنَ أبي طالبٍ ، فأتاه بها (٣).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ جعفرِ بنِ الزُّبيرِ، عن عروةَ بنِ الزبيرِ وغيرِه مِن علمائِنا، قالوا: لما أجمَع رسولُ اللَّهِ السيرَ إلى مكةَ، كتَب حاطبُ بنُ أبي بلتعةَ كتابًا إلى قريشٍ يخبرُهم بالذي أَجْمَع عليه رسولُ اللَّهِ مِن الأمرِ في السيرِ إليهم، ثم أَعْطاه امرأةً - يزعُمُ


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه أبو يعلى (٣٩٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٨/ ١١٠ - من طريق أبي سنان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٣ إلى ابن المنذر.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٣ إلى ابن مردويه.