للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه للمؤمنين به من أصحابِ رسولِ اللَّهِ : لا تُمْسِكوا أيُّها المؤمنون بحبالِ النساءِ الكوافرِ وأسبابِهن.

والكوافرُ جمعُ كافرةٍ، والعِصمُ جمعُ عِصْمَةٍ، وهي ما اعتصَم به من العقدِ والسببِ، وهذا نهيٌ من اللَّهِ للمؤمنين عن الإقدامِ (١) على نكاحِ النساءِ المشركاتِ من أهلِ الأوثانِ، وأمرٌ لهم بفراقِهن.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ المباركِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، عن عروةَ، عن المسورِ بنِ مخرمةَ ومروانَ بنِ الحكمِ، أن النبيَّ جاءه نسوةٌ مؤمناتٌ بعدَ أن كتَب كتابَ القضيةِ بينَه وبينَ قريشٍ، فأنزَل اللَّهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾. حتى بلَغ: ﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾. فطلَّق عمرُ يومَئذٍ امرأتين كانتا له بالشركِ، فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سفيانَ، والأخرى صفوانُ بنُ أميةَ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبَرني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، قال: بَلَغنا أنَّ آيةَ المحنةِ التي مادَّ (٣) فيها رسولُ اللَّهِ كفارَ قريشٍ، مِن أجلِ العهدِ الذي كان بينَ كفارِ قريشٍ وبينَ النبيِّ ، فكان النبيُّ يَردُّ إلى كفارِ قريشٍ ما


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "المقدام"، وفي ت ٣: "القدام".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٩٧٢٠)، والطبراني ٢٠/ ٩ (١٣)، والبيهقي ٧/ ١٧١ من طريق معمر به، وينظر ما تقدم في ٣/ ٣٦٢، ٣٦٣.
(٣) ماد فيها: أي: أطالها. النهاية ٤/ ٣٠٩.