للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنفَقوا على نسائِهم اللاتي يُسْلِمْن ويهاجِرْنَ - وبعولتُهُنَّ كفارٌ - للعهدِ الذي كان بينَ النبيِّ وبينَهم، ولو كانوا حربًا ليست بينَهم وبينَ النبيِّ مدَّةٌ وعقدٌ لم يردَّ عليهم شيئًا مما أنفَقوا، وحكَم اللَّهُ للمؤمنين على أهلِ المدَّةِ مِن الكفارِ بمثلِ ذلك، قال اللَّهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ حتى بلَغ: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. فطلَّق المؤمنون حينَ أُنزِلت هذه الآيةُ كلَّ امرأةٍ كافرةٍ كانت تحتَ رجلٍ منهم، فطلَّق عمرُ بنُ الخطابِ امرأتَه ابنةَ أبي أميةَ بنِ المغيرةِ مِن بني مخزومٍ، فتزوَّجها معاويةُ بنُ أبي سفيانَ، وابنةَ جَرْوَلٍ مِن خُزَاعةَ، فتزوَّجها أبو جهمِ بنُ حُذافةَ العدوِيُّ، وجعَل اللَّهُ ذلك حُكْمًا حكَم به بينَ المؤمنين والمشركين في هذه المدَّةِ التي كانت (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، قال: وقال الزهريُّ: لما نزَلت هذه الآيةُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ﴾ إلى قولِه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾. كان ممن طلَّق عمرُ بنُ الخطابِ امرأتَه قُرَيبةَ ابنةَ أبي أميةَ بنِ المغيرةِ، فتزوَّجها بعدَه معاويةُ بنُ أبي سفيانَ، وهما على شركِهما بمكةَ، وأمَّ كلثومٍ ابنةَ جَرْوَلٍ الخزاعيةَ، أمَّ عُبَيْدِ (٢) اللَّهِ بنِ عمرَ، فتزوَّجها أبو جهمِ بنُ حُذافةَ (٣) بنِ غانمٍ، رجلٌ مِن قومِه، وهما على شركِهما، وطلحةُ بنُ عبيدِ اللَّهِ بنِ عثمانَ بنِ عمرٍو التيميُّ؛ كانت عندَه أرْوَى بنتُ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطلبِ، ففرَّق بينَهما الإسلامُ حينَ نَهى القرآنُ عن التمسكِ بعِصمِ الكوافرِ، وكان طلحةُ قد هاجَر وهي بمكةَ على دينِ قومِها، ثم تزوَّجها في الإسلامِ بعدَ طلحةَ [خالدُ بنُ] (٤)


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٧ إلى ابن مردويه.
(٢) في النسخ: "عبد". والمثبت من مصادر التخريج، وينظر تاريخ المصنف ٤/ ١٩٩، والإصابة ٥/ ٥٢، ٨/ ٢٩٢.
(٣) في سيرة ابن هشام، وغوامض الأسماء: "حذيفة". والمثبت موافق لما في تاريخ المصنف.
(٤) في ص، ت ٢، ت ٣: "حابس".