حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ، قال: كانت محنةُ النساءِ أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ أمَر عمرَ بنَ الخطابِ ﵁ فقال: "قلْ لهنَّ: إنَّ رسولَ اللَّهِ يُبايعْكنِّ على ألا تُشْرِكْنَ باللَّهِ شيئًا". وكانت هندُ بنتُ عتبةَ بنِ ربيعةَ التي شقَّت بطنَ حمزةَ رحمةُ اللَّهِ عليه مُتنكِّرةً في النساءِ، فقالت: إني إنْ أتكلَّمْ يعرفْني، وإن عرَفني قتَلني. وإنما تنكَّرَتْ فَرَقًا مِن رسولِ اللَّهِ ﷺ، فسكَت النسوةُ اللَّاتي مع هندٍ، وأبَيْن أن يتكلَّمْن، قالت هندٌ وهي مُتنكِّرةٌ: كيف يَقْبَلُ من النساءِ شيئًا لم يَقْبَلْه مِن الرجالِ؟ فنظَر إليها رسولُ اللَّهِ ﷺ وقال لعمرَ:"قلْ لهنَّ: ولا يَسْرِقن". قالت هندٌ: واللَّهِ إني لأصيبُ مِن أبي سفيانَ الهَنَاتِ ما أدري أيُحِلُّهنَّ لي أم لا. قال أبو سفيانَ: ما أصبْتِ مِن شيءٍ مضَى أو قد بَقِي، فهو لك حلالٌ. فضحِك رسولُ اللَّهِ ﷺ وعرَفها، فدعاها فأتَتْه، فأخَذتْ بيدِه فعاذت به، فقال:"أنتِ هندٌ؟ ". فقالت: عفا اللَّهُ عما سلَف، فصرَف عنها رسولُ اللَّهِ ﷺ، فقال:" ﴿وَلَا يَزْنِينَ﴾ ". فقالت: يا رسولَ اللَّهِ، وهل تزني الحرَّةُ؟ قال:"لا واللَّهِ ما تزنِي الحرَّةُ". قال:" ﴿وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ ". قالت هندٌ: أنتَ قتَلتَهم يومَ بدرٍ، فأنت وهم أبصرُ. قال:" ﴿وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾ ". قال: منعهنَّ أنّ يَنُحْن، وكان أهلُ الجاهليةِ يُمزِّقْن الثيابَ، ويَخْدِشْن الوجوهَ، ويَقْطَعْن الشعورَ، ويدْعُون بالثُّبورِ والويلِ (١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾ حتى بلَغ: ﴿فَبَايِعْهُنَّ﴾: ذُكِر لنا أنَّ نبيَّ اللَّهِ ﷺ أَخَذ عليهنَّ يومئذٍ النياحةَ: و"لا تُحدِّثْن الرجالَ، إلا رجلًا منكنَّ مَحْرَمًا". فقال عبدُ الرحمنِ
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢١٠ إلى المصنف وابن مردويه.